18 سبتمبر 2025
تسجيلنمر اليوم بالذكرى الخامسة والستين لتقسيم فلسطين، وهو ما صار يعرف بيوم النكبة منذ 15/5/1947م، وأحب أن نحول الأزمة إلى فرصة، والنكبة إلى نصرة لتحرير الأسرى والأقصى والقدس وفلسطين من الصهاينة المحتلين، يقول الشاعر: وعاجز الرأي مضياع لفرصته حتى إذا فات أمر عاتب القدرا ويجب أن نفكر دائما بعقل الرجل المبادر لا المرأة التي تولول على مصيبتها، وبعض الرجال يولولون وكثير من النساء مبادرات، فالرجولة هنا صفة وليست جنسا، وللأسرى والأقصى والقدس وفلسطين رجال قال الله عنهم "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" (الأحزاب:22)، وتأصيلا لمنهج الألم والأمل والعمل قال تعالى واصفا فساد بني إسرائيل: "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا" (الإسراء:4) لكن بعدها مباشرة حوَّل الله تعالى النص الواصف لحجم فساد بني إسرائيل إلى أمل وعمل حيث قال تعالى: "فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا" (الإسراء:5)، والحق أن هذا المنهج هو ما يجب أن نتبناه وأن نذكر الألم في النكبة بتقسيم الأرض وخيانة العالم لكل القيم والمبادئ الأخلاقية مما ارتكز عليه الصهاينة في المذابح والقتل والسفك والطرد والسجن والأسر والتهويد والاستيطان والحصار مما اعتبره كله عرضا، أما المرض فهو شيء واحد هو الاحتلال، فليكن المصب الرئيسي ليس على علاج العرض بكل طاقاتنا بل بـ20% فقط من جهدنا لعلاج قضايا العرض، الـ80% في المشروع الأكبر وهو إنهاء الاحتلال لنصل إلى تحرير الأسرى والأقصى والقدس وفلسطين، وقد كان من مشاريع الأمل والعمل قبل ذكرى النكبة زيارتنا لغزة هاشم، في يوم 28 جمادى الآخر1434هـ، الموافق 8/5/2013م، في رحلة تاريخية للعلامة الشيخ القرضاوي إلى غزة على رأس وفد رفيع المستوى لعلماء ودعاة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من ست عشرة دولة لكسر الحصار ومؤازرة أهلنا في غزة وجمع الكلمة في فلسطين، وهناك كان اللقاء بالحكومة المنتخبة برئاسة دولة رئيس الوزراء إسماعيل هنية، وأعضاء المجلس التشريعي، ومجلس القضاء الأعلى، والقوى الشعبية، وفصائل المقاومة، وطلاب وطالبات وأساتذة الجامعات، واللقاء الجماهيري بساحة الكتيبة الخضراء الذي اقترب من مليونية التحرير، واللقاء مع الشعراء حتى الفتيات الصغيرات اللاتي تشبعن بالجهاد، واللقاء بالأسرى المحررين، وزيارة الأراضي المسماة بالمحررات بعد أن كانت كلها مستعمرات من الكيان الصهيوني، وكانت العريش أيضا محطة رئيسية للوفد العالمي للتوقف مع أهلها البواسل وشعب سيناء العظيم، في حفاوة بالغة بالشيخ ومرافقيه، ومهرجان معبر كما وكيفا عن أصالة شعبنا في سيناء، في برنامج متميز ضم نخبًا وممثلين من التيارات الإسلامية في الجماعة السلفية والجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين، وعلماء الأمة، وحضور فخامة الرئيس السابق للسودان المشير عبدالرحمن سوار الذهب، يعبر عن تضافر وتعاون كل الإسلاميين في دعم إعمار مصر وتحرير فلسطين، مما يدل على أن قطار التحرير قد انطلق وصار كالريح اللواقح لنهضة أمة الإسلام والمسلمين، اللوافح لاقتلاع بني صهيون، ومن أراد الله به شرف الدنيا ونعيم الآخرة فلا يجوز له أن يتخلف عن هذا القطار الذي انطلق ويقف في المحطات التاريخية والذكريات المؤلمة ليكون الناس صنفين: الأول: وهو الذي اكتفى بذكريات الألم، ويتضاعف لديه الهم والحزن، وأحسن ما يقدم هو ما ذكره الله تعالى: "وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا" (الأحزاب: 20). الثاني: وهم المبادرون المنتفضون على النفس قتلا لليأس، وحركة دائبة نحو علاج أصل المرض وهو الاحتلال بـ 80% من الجهد والوقت والمال، وعلاج العرض وهو التهويد والأسر والقتل والطرد والحصار و... بـ20% من الجهد ليكون الأمر كما قال تعالى عن هؤلاء: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" (الأحزاب: 23)، وقال تعالى: "لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (الحديد: 10). ولمثل هؤلاء أضع عشرين من الجوانب العملية لمشروع إنهاء الاحتلال وهو المرض، ومعه علاج العرض عمليا في التهويد والتهجير، والاستيطان والعدوان، والأسر والقتل والحصار: 1. المتابعة الدقيقة لمعرفة جوانب الألم في قضية الأسرى والأقصى والقدس وفلسطين كأن المصيبة في قعر بيتنا وبين أهلنا. 2. بعث عقيدة الأمل من خلال اليقين بقوة الملك التي لا تقهر، وقوة المنهج الذي لا يتغير، والاعتزاز بتاريخنا الحافل في مواجهة المغول والصليبيين، وواقعنا الماثل من خلال الربيع العربي، وتنامي التيار الإسلامي في العالم كله. 3. إحياء وإعلان عقيدة الجهاد والمقاومة، ورفض المفاوضات والسلام مع الصهاينة، مع ضرورة أن يكون إحياء الجهاد من الطفولة المبكرة. 4. دراسة وحفظ وفهم نصوص القرآن والسنة النبوية، بعمل ختمة تدبر بحثا عن موضوع واحد هو: "خصائص بني إسرائيل في القرآن الكريم"، ثم دراسة السنة والسيرة النبوية وكيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم عمليا مع تجمعات اليهود في بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وخيبر وإحياء فقه التأسي في مواجهتهم. 5. دراسة وحفظ وفهم نصوص الجهاد في سبيل الله، في القرآن الكريم والسنة النبوية، ودراسة كتاب "معركة الوجود بين القرآن والتلمود" للدكتور عبدالستار فتح الله سعيد، فقه الجهاد للعلامة القرضاوي. 6. دراسة تاريخ اليهود ومواقفهم مع الأنبياء والرسل والشعوب والأنظمة، مع أهمية دراسة موسوعة د.المسيري عن الصهيونية، وكتاب فلسطين- واجبات الأمة – 1135 دورا إيجابيا لنصرة فلسطين للدكتور راغب السرجاني، ومتابعة إصدارات المراكز العلمية المتخصصة مثل الزيتونة، ومركز الإعلام العربي وغيره مما يجعلنا متابعين لتطورات القضية يوما بيوم. 7. عمل مهرجانات جماهيرية وشعبية لإحياء الجهاد ونصرة الأقصى، تجمع بين الأنشودة والقصة والشعر والمقالات والمشغولات واللوحات والمسرحيات. 8. تبني منهجية الاقتصاد في الكماليات والتوسع في الصدقات، لمساندة المقدسيين والمسجد الأقصى والمحاصرين في غزة. 9. أن يقوم النخبة من خلال المقالات والفضائيات برد الشبهات التي يثيرها الصهاينة وعملاؤهم حول أحقيتهم في أرض فلسطين وخرافاتهم في موضوع الهيكل. 10. العمل على إزالة الشبهات والافتراءات والأكاذيب التي يختلقها العملاء والخونة ضد المقاومة المشروعة في فلسطين، وسرعة الرد عليها قبل أن تتحول إلى رأي عام كاذب. 11. تكوين لجان شعبية ونقابية تتواصل مع النخب الحاكمة، وأصحاب الأقلام المؤثرة والقنوات الفضائية سعيا إلى تبني القضية الفلسطينية وفق منهجية السياسة الشرعية وليس الخساسة الواقعية، وتشكيل جماعات ضغط سلمية ومجموعات شبابية للتصحيح لا التجريح، والنصيحة لا الفضيحة. 12. إحياء وتفعيل ثقافة المقاومة الإلكترونية لبيان الوجه القبيح للكيان الصهيوني، والحق الأصيل لعودة الشعب الفلسطيني، وحق الأمة في تحرير مقدساتها الإسلامية خاصة الأقصى.