14 سبتمبر 2025
تسجيلعلى هذه الارض المباركة عاش الكثير من اهل قطر، الذين كانت لهم كلمتهم في بناء الوطن، وتقديم افضل الخدمات من اجل غد مشرق. وبالامس غادرنا الى الدار الاخرة الوالد الكريم علي بن علي بن مطر المناعي، احد الذين كانت لهم بصمة كبيرة في حياة قطر الاجتماعية والاقتصادية التي عاشها الاباء والاجداد منذ حياة الغوص على اللؤلؤ، مرورا باكتشاف النفط وتبدل حياتهم برتم جديد يختلف عن العمل في البحر الى جو مليء بالمتاعب والمشقات في ابار النفط مع سنة ظهور الآيل - كما كانت تسمى تلك السنة - التي كانت بمثابة حياة جديدة فتحت لهم فترة مختلفة عن الحياة السابقة. والوالد علي بن علي بن مطر المناعي احد الذين واجهوا حياة النفط بكل بسالة بحثا عن الكسب الحلال، فقد عاصر حياة العمل في الغوص على اللؤلؤ صغيرا منذ ان كان عمره (15) سنة تقريبا، حيث ركب البحر مع بعض نواخذة الغوص في شمال قطر (بلدة باظلوف) ومنهم: - علي بن راشد المناعي - شبيب بن سالم المناعي - حمد بن محمد المناعي.. وغيرهم. وبعدها اشتغل في شركة النفط، حيث انتقل للعمل الى المملكة العربية السعودية في ارامكو والظهران والدمام، كما عاصر فترة حكم ابن جلوي هناك لفترة من الزمن. ثم عاد للعمل في شركة نفط قطر، حيث عمل مع عدد من اهل قطر في دخان، تلك الحياة التي لا تنسى ايامها ابدا من خلال تجمع القطريين فيها، والتي مزجت حياتهم فيها حلوها بمرها، حيث كان الوالد علي المناعي احد ابطالها الجادين في زمن الكد والكدح. وعن تلك الأيام الجميلة يقول الفقيد الراحل: بعد انهاء خدمات احد الموظفين في الشركة قمت بأخذ غرفته وحولتها الى دكان (كشك صغير)، حيث مارست البيع والشراء هناك، وبعدها اشتغلت في مسيعيد، ثم توجهت الى بلدة باظلوف بشمال قطر التي ولدت فيها، حيث بدأت التجارة هناك حوالي عام 1960م، حيث قمت بجلب بعض الثلاجات من البحرين التي كانت تعمل على غاز، وكان بعض سكان البلدة يضعون لدي اسماكهم خوفا من ان تتلف حتى اليوم التالي، وكنت اخدم بعض المناطق والقرى الشمالية مثل: - الغويرية - انعمان - العريش - لشا - عين محمد - الجذيع - لخوير - الجميل - باظلوف - الرويس - الغشامية - الكعبان.. وغيرها. تعرفت على الوالد علي المناعي من خلال تواصلي معه باستمرار وزيارتي المتكررة له في مجلسه العامر في منطقة الخريطيات - من ضواحي الدوحة العاصمة - في سنواته الاخيرة من عمره. وقبل ذلك كنت ألتقي به باستمرار في مجلس شقيقه المرحوم - عبدالله بن مطر المناعي - وكذلك من خلال ارتياده مجلس الرجل الكريم الراحل علي بن سيف المناعي في منطقة فريج ابن عمران بالدوحة (المتوفى عام 2005)، حيث يجتمع في ذلك المجلس الكثير من ابناء عمومته ومن الاصدقاء والاقارب، منذ الفجر حتى وقت المساء دون انقطاع، وان كان وقت العصر هو الاكثر ذروة وترددا على ذلك المكان، وكان الحديث بين الحضور لا ينقطع عن ترديد الذكريات حول مجتمع الغوص على اللؤلؤ وحياة الاباء والاجداد في الشركة والعمل في دخان ومسيعيد و”ايام الكمب“ في مخيمات شركة البترول هناك منذ ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي على وجه الخصوص. وسكن الفقيد: - بلدة باظلوف - فريج ابن عمران - مدينة خليقة الخريطيات. كما كان الوالد علي بن علي المناعي من رواة الموروث الشعبي وفنون الادب القطري القديم في التراث وكانت ذاكرته تحفل بالكثير من الاشعار والامثال والقصص الشعبية التي يرددها لي باستمرار وكنت ادون بعضها منه نظرا لذاكرته القوية في الحفظ عليه رحمة الله. وبعد عمله بالغوص وكساد العمل فيه وفور انتهائه من العمل في الدولة توجه الوالد علي المناعي للعمل في مجال التجارة الحرة، وكان من اشطر التجار القطريين معتمدا على نفسه وعلى ابنائه من بعده، حيث فتح عليه باب الرزق من كل صوب وبخاصة في مجال التموين وفتح بعض المحلات التجارية الاخرى. ولا ننسى انه كان يقيم وجبة غداء الجمعة بشكل اسبوعي للأقارب والاصدقاء، وكان يحضرها الكثير منهم وكانت مستمرة لسنوات طويلة حتى وفاته، ولولا ظروف كورونا التي كانت عائقا في بعض الاحيان. بقي ان نعرف ان الوالد علي بن علي المناعي كان شخصا عصاميا بدأ حياته من الصفر في بناء اسرته وتجارته، وقد مرض في اواخر ايامه حتى وفاته، ويقدر عمره ما بين 86 - 89 سنة تقريبا، اي انه من مواليد عام 1932 على وجه التقريب. ومن مناقب الوالد علي بن علي ان لديه بعض الدفاتر القديمة التي سجلت فيها بعض الديون على بعض اهل قطر، حيث أسقط عنهم جميع الديون سواء كانوا من الموتى او من هم على قيد الحياة، وهذه لفتة انسانية منه. تزوج رحمه الله ورزق بأربع من الاناث كما رزق ببعض الاولاد وهم: - مطر - محمد عبدالرحمن عبدالعزيز أحمد. اما ابرز اصدقاء الوالد علي بن علي المناعي الذين يترددون عليه باستمرار نذكر منهم: - خليفة بن شاهين ال طوار الكواري - صباح بن سعيد الكواري - مبارك بن سيف المناعي - عبدالله بن عبدالرحمن المناعي - محمد بن علي بن نومان المناعي - راشد بن نجم المناعي.. وغيرهم كثير. في الختام: بقي أن نعلم بأن الفقيد قد درس وختم القرآن الكريم في شمال قطر على يد علي بن سالم بن خلف المناعي المتوفى في أربعينيات القرن الماضي. كلمة أخيرة: الوالد علي بن علي المناعي شخصية قطرية فريدة من نوعها، فهي مرحة ومبتسمة على الدوام، وتشتم منها رائحة الطيبة والجود والكرم، وعندما تجالسها تسعد بها وبمرافقتها، رحمه الله رحمة واسعة. [email protected]