19 سبتمبر 2025

تسجيل

اللبنانيون ضحايا المتاجرين بالبشر

17 أبريل 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ما زالت قضية الاتجار بالبشر تحتل حيّزًا أساسيًا من اهتمامات اللبنانيين كما وسائل الإعلام، رغم مرور أكثر من أسبوعين على اكتشاف شبكة دعارة تحتجز أكثر من 75 فتاة. فالنشرات الإخبارية تخصص جزءًا من وقتها لإطلاع اللبنانيين على آخر ما استجد في هذا الملف الذي اعتبره البعض فضيحة أخلاقية وإنسانية لطخت سمعة لبنان. شبكة الدعارة التي تم ضبطها لم تبق يتيمة، فالواضح أن الأجهزة الأمنية شعرت بالحرج بعدما خرج الأمر للعلن، وتحركت لملاحقة شبكات دعارة أخرى تبين أنها موزعة كالفطريات داخل الأحياء السكنية.ما يثير الاستغراب هو حال الدهشة التي اصطنعها اللبنانيون حين بدأت حبات شبكات الدعارة بالانفراط، وكأن الأمر لم يكن معروفًا للبنانيين، الذين يدركون جيدًا أن السياحة الجنسية هي وجه أساسي من أوجه شهرة بلدهم؟ يدرك اللبنانيون جيدًا الحقيقة المؤسفة، وهي أن بعض السياح لا يعبأون بمناخ لبنان الذي شوّهته رائحة النفايات، ولا بقرب جبله من بحره، ولا بخَضَاره وثروته الحرجية التي تتآكل يومًا بعد يوم. ما يهتم به هؤلاء هو مواخير الجنس والدعارة، فهم لا يزورون بحرًا ولا جبلًا، لا يأكلون تبولة ولا حمص بطحينة ولا كبة نية، مقصدهم فقط المناطق التي تزدحم بالنوادي الليلية وشقق الدعارة السرية. ضمن الأكاذيب الكثير التي أطلقها حزب الله لتبرير قتاله في سوريا وانغماسه بدم السوريين، إشاعته أنه بذلك يحمي اللبنانيين واللبنانيات من انتهاكات واعتداءات التنظيمات المتطرفة في سوريا، وأنه لو لم يفعل ذلك، لاستباحت هذه التنظيمات أرض لبنان وانتهكت أعراض نسائه. لكن المفارقة أنه في الوقت الذي ينافح فيه حزب الله عن الأعراض في سوريا تُنتهك الأعراض في لبنان. ولعلّ إفادات الفتيات اللاتي تم تحريرهن من مشغليهن في شبكات الجنس، أكدت أنّ ما تعرضن له في لبنان أسوأ ألف مرة مما تعرضت له الفتيات في سوريا والعراق.رغم كل دعوات المساواة بين الرجل والمرأة والدفع باتجاه معاملة المرأة كالرجل، والتعاطي مع قضايا المرأة كما يتم التعاطي مع الرجل، إلا أن حساسية مفرطة ما زالت ترافق المسائل التي تمس المرأة والعرض والشرف. فجميع اللبنانيين استهجنوا خبر انكشاف شبكات الاتجار بالبشر، وطالبوا بإنزال أشد العقوبات بالأشخاص الذين أساءوا للفتيات واعتدوا عليهن وأرغموهن على ممارسة البغاء. لكن هل سمعنا صوتًا يستهجن اتجار حزب الله بشبابه، وسلبهم أرواحهم وتيتيم أبنائهم من خلال الزجّ بهم في الحرب السورية؟ أليس اتجارًا بالبشر خسارة شباب لبنان ورجاله الذين كان من المفترض أن مكانهم الحدود اللبنانية يترصدون العدو الإسرائيلي، فإذا بهم في أرض ليست أرضهم، يساندون نظامًا ظالمًا فاجرًا على قتل شعبه. أليس اتجارًا بالبشر حين يتم الدفع بشباب لبنان للمشاركة في صراعات ليست صراعاتهم كاليمن والكويت والعراق؟ أليس اتجارًا بالبشر أن يقوم هذا الزعيم أو ذاك بإطلاق تصريحات ومواقف تزيد من حدة الاحتقان والتوتر بين اللبنانيين، فيدفع الزعيم بمن يناصرونه ويؤيدونه للاشتباك مع من يناصرون ويؤيدون الزعيم الآخر فقط لأن مصالحه تقتضي ذلك، فيذهب ضحية هذا الاشتباك شباب من خيرة أبناء هذا الوطن؟! أليس اتجارًا بالبشر تقاعس المسؤولين عن معالجة المشاكل الحياتية التي تقضّ مضاجع اللبنانيين، وأبرزها مشكلة النفايات التي بدأت نتائجها تظهر أمراضًا وأوبئة تتفشى بينهم، وربما تكون السبب بإزهاق أرواح أطفالهم ومرضاهم؟ أليس اتجارًا بالبشر حين تدفع الطبقة السياسية كفاءات اللبنانيين كي تكون أمانيهم الحصول على تأشيرة عمل في أي بلد يحترم من يعيشون على أرضه؟مشكورة الأجهزة الأمنية والقضائية على جهودها في ضبط واعتقال المسؤولين عن شبكات الاتجار بالبشر التي تم اكتشافها أخيرًا. لكن حتى تُتمّ الأجهزة المعنية واجبها، عليها ملاحقة جميع المتاجرين بالبشر سواء كان على شكل تجارة جنسية، أو تجارة سياسية أو حتى تجارة طائفية، فهؤلاء لا يقل فعلهم سوءًا عن شبكات الدعارة، طالما أنهم بالنتيجة يتاجرون بالبشر، ولكن بأساليب أكثر ابتكارًا.