18 سبتمبر 2025

تسجيل

تنقصنا الاستثمارات الجديدة في البنية التحتية

17 أبريل 2011

الاستثمارات في البنية التحتية ضرورية للنمو والتنمية كما لرفع مستويات الإنتاجية والتنافسية، فهي أحد أسباب النمو القوي السنوي للصين والمتوقع أن يكون 9 .2% وللهند 7 .9% حتى سنة 2012، بينما لا يتعدى المعدل العالمي نسبة 4 .8%، تقسم البنية التحتية إلى أجزاء عدة منها البناء والاتصالات والكهرباء والمياه والطرق وشبكات الري والنقل وغيرها، لبنان للأسف مقصر بها جميعها، ليس فقط بسبب التمويل وإنما خاصة بسبب سوء أوضاع الإدارة العامة والفساد كما الخلاف على الخصخصة رغم وجود جهاز عام لها منذ سنوات، من لا يتقدم يتراجع، وهذا هو وضعنا اللبناني في كل هذه القطاعات الحيوية للنمو والنهوض والتقدم ضمن الاقتصاد الدولي التنافسي. من أهم مصادر النمو القوي هي الإنشاءات الجديدة وهو حال الدول النامية والناشئة، وليس عمليات التحديث والصيانة كما هو الواقع في الدول الصناعية، في الولايات المتحدة مثلا، تبلغ قيمة مبيعات قطاع الإنشاء أو البناء سنويا حوالي 1 .3 مليار دولار أي تشكل حوالي 10 % من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف ما يقارب الـ 7 ملايين شخص، أكثرية الشركات الأمريكية في القطاع والبالغ عددها 700 ألف تعتبر صغيرة أي 62% منها توظف 4 أشخاص أو أقل وتخضع للعديد من القيود والإجراءات الرقابية التي تختلف من ولاية إلى أخرى وحتى بين المدن، هنالك قوة نقابية هائلة في القطاع بحيث يقدر عدد النقابات بـ 15 على المستوى الوطني الأمريكي وحوالي 7 آلاف على المستوى المحلي، في لبنان، قدرت مساهمة قطاع البناء بحوالي 6090 مليار ليرة في سنة 2008 و7012 مليار ليرة في سنة 2009 أي حوالي 13 .5% من الناتج المحلي الإجمالي في كل من السنتين ومن المتوقع أن تتراجع هذه السنة بسبب انخفاض الطلب على العقارات المبنية. هنالك مثل شائع يقول إنه عندما يتعزز قطاع البناء، يزدهر الاقتصاد وذلك لترابطه القوي بمختلف القطاعات الأخرى في السلع والخدمات، في قيمة الاستثمارات في قطاع البناء، تقدر سنويا بـ 1250 مليار دولار في الولايات المتحدة أو حوالي 25 % من المجموع العالمي تليها اليابان وثم الصين وألمانيا وفرنسا، أما في نسب نمو القطاع التي تبلغ عالميا حوالي 2 .3% سنويا، تأتي آسيا في الطليعة مع نسبة 7% تليها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (3،5%) وأمريكا الجنوبية (3 .2%) بينما تنخفض سنويا بنسبة 0 .5% في أوروبا الغربية، أما في الدول وتبعا لنسب النمو، تأتي الصين أولا وثم أستراليا وإندونيسيا والهند وبنغلاديش فقطر التي تعرف نموا مدهشا أسهم في رفع قيمة الدخل الفردي إلى أعلى مستوى في العالم، رغم تأثر القطاع الكبير بالأزمة المالية العالمية، هنالك مؤشرات نهوض جديدة تدعو للتفاؤل لكن المشكلة تكمن في كثرة العرض وعدم تجاوب الطلب الحالي معه. أما قطاع النقل المحلي والإقليمي، فدوره في النمو معروف وقوي، يتأثر كثيرا بمختلف جوانبه بالتقدم التكنولوجي المخفف للتلوث والتكلفة والفاعل من ناحيتي السرعة والآمان والخدمة الجيدة، المطلوب أن تكون في كل دولة سياسة نقل تهدف إلى خلق شبكات آمنة وفاعلة تحترم البيئة ويمكن للمواطن استخدامها بأسعار مقبولة تعكس "التكلفة الحدية"، وهو مبدأ مالي متعارف عليه دوليا، ترتكز سياسة النقل على توافر الإنشاءات والاستثمارات والخدمات في المطارات والطرق وسكك الحديد وعبر المعابر المائية، نجحت أوروبا مثلا في وضع سياسات نقل فاعلة تعبر الدول وصديقة للبيئة ومتوافرة بأسعار عادلة بمتناول المواطن العادي، في قطاع الطرق مثلا، من واجب الدولة تأمين الأموال للصيانة بالإضافة إلى إنشاء الجديد وذلك لوصل المناطق كما الدول بعضها ببعض، فالتقصير في الإنفاق ينتج حوادث سير كبيرة يمكن أن تكون قاتلة، فسلامة الطرق أساسية جدا للنقل وتخضع لمعايير الفعالية والسلامة، يمكن تمويل هذا الإنفاق عبر ضرائب مخصصة لها كما هو حال "الميكانيك" وضرائب المحروقات وتعريفات العبور على الجسور وعبر الأنفاق وعلى الطرق الدولية الكبيرة، لا توجد في لبنان سياسة للنقل، إذ هنالك ضياع كبير وضعف في التنسيق مما يحدث أزمات سير خانقة بالإضافة إلى التعريفات المرتفعة في الطيران، فالنقل العام في لبنان غير مرض ويفرض على الأسر شراء السيارات للأولاد مما يشكل هدرا كبيرا وثقلا مجحفا بحق الطبقات الوسطى وما دون، أحوال الطرق غير مرضية وما يتم من إنشاء أو تحديث أو صيانة يكلف كثيرا ويأخذ الوقت الطويل، هذا إذا تحقق، لا شك أن اللبنانيين يعانون الأمرين من النقل الداخلي كما الخارجي المرتكز على وضع المطار وتكلفة السفر. يعتبر قطاع الاتصالات ركيزة الاقتصاد الجديد ويرتبط بشكل عضوي بالتطور التكنولوجي الذي يربط المناطق والدول بشبكات سريعة أرضية أو خليوية، يخضع القطاع لثورتين كبيرتين أولها التكنولوجيا المتطورة دائما والمكلفة في العديد من الأحيان، وثانيا المنافسة في كل أقسامه بعد أن كان فقط جزءا من القطاع العام منذ أقل من عقدين من الزمن، أسهمت الثورتان في رفع إنتاجية القطاع وتخفيض التكلفة كما في تخفيض السعر الذي فرضته المنافسة القوية، كي تكون لشبكات القطاع الجدوى الاقتصادية الفضلى، يجب أن يربط بها أكبر عدد ممكن من المواطنين والأسر والشركات، عندها يستفيد الجميع من الخدمات مما يسمح للمستثمر بالقيام بعمليات الصيانة والتحديث والتوسيع والتكبير الضرورية للنهوض والاستمرار، نجحت جميع تجارب فتح الاستثمارات أمام القطاع الخاص المحلي والدولي في الاتصالات، مما أسهم في تحسين الخدمة وتخفيض التكلفة وتوفيرها في المدن والريف دعما للتربية والتعليم والبحوث عبر الإنترنت، لا شك أن لبنان مقصر هنا أيضا، وهنالك مشاريع استثمار ما زالت على الورق ونأمل في أن تنفذ في أسرع وقت وذلك لتأثير التطور ليس فقط على الاقتصاد وإنما أيضا على التعليم والتربية والبحوث، تخضع قطاعات البنية التحتية العامة الأخرى إلى نفس المبادئ والمعايير من نواحي الفعالية والآمان والتكلفة، في العديد من الأحيان، عجز القطاع العام عن تأمين هذه الاستثمارات والخدمات من ناحيتي التكلفة والجودة.