12 سبتمبر 2025
تسجيلالثورات العربية المجيدة التي اجتاحت معظم الدول العربية تعرضت للتشوهات وتشويهات ونتوءات قسرية ومتعمدة حاولت جاهدة نزع شرعيتها المطالبة بإسقاط الأنظمة أو إصلاحها لإقامة منظومات حكم رشيدة وفاعلة تحقق الحريات، وتقيم أنظمة حكم ديمقراطية مفعمة بالمشاركة الشعبية، على أنقاض الاستبداد والفساد التي رانت على الساحة العربية ردحاً من الفرص. لقد نبعت مظاهر التشويه من الأنظمة العتيقة ومن جهات أخرى أرادت أن تصطاد في المياه العكرة علها تستطيع أن تسرق وميض الثورات المشع بالضياء والأمل وإليك بعض النماذج: لقد دفع العقيد القذافي مروجي الثورة بأنهم ثلة من المهلوسين، ومتعاطي المخدرات، وفلول القاعدة، التي تعرض الأمن العربي والدولي للخطر الأكيد.. وقد اقتفى ابنه سيف الإسلام نفس المسار البائس. أما ابنة العقيد القذافي المسماه "عائشة" فقد قالت مؤخراً لدى مهاجمتها المجتمع الدولي والوطن العربي المشارك في حملة إزاحة والدها من سدة الحكم: "إن الدعوات التي يطلقها الغرب لرحيل والدها تعتبر إهانة لكل الشعب الليبي.. ومن لا يريد القذافي لا يستحق الحياة". الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي اقترفت قواته مجاذر قتل بشعة ضد شعبه، فقد وصف المعارضة بأنهم "قطاع طرق" وأن الاختلاط في الساحات التي اكتظت بالثوار "حرام شرعاً". وفي سورية، فإن أشرطة الفيديو التي بثتها قنوات فضائية عديدة تدعو للأسى والألم المحض من جراء مظاهر التعذيب التي تعرض لها المتظاهرون، فقد أظهرت تلك الأشرطة أن أفراد أمن سوريين يضربون بالعصى محتجين محتجزين في مدينة البيضا الساحلية ويركلونهم بالأقدام في الوجوه وفي الأجسام المسجاة على الأرض.. وأيديهم مقيدة بالأصفاد. ورداً على ذلك فقد عزا الرئيس الأسد ذلك إلى أن "سورية مستهدفة بمؤامرة خارجية لإشعال الفتنة". وفي الأردن تبدو الصورة مختلفة نوعاً ما.. فقد تواترت الأنباء أن 83 رجل أمن أردنيا قد أصيبوا طعنا بالسلاح الأبيض والسيوف خلال مواجهات مع مجموعات من التيار السلفي اعتصموا في مدينة الزرقاء أمس الأول مطالبين بـ"إقامة الخلافة الإسلامية وتحكيم الشرع والإفراج عن الأسرى في السجون". المجموعة السلفية في غزة أقدمت على قتل ناشط سلام إيطاليا بعد خطفه.. مما يعد تشويها شائنا للثورة الفلسطينية التي سعت وتسعى لتحرير الأرض من الاحتلال البغيض، وكسب تأييد الرأي العام العالمي للقضية الفلسطينية العادلة. الناشط الإيطالي المقتول هو فيتوريو اريغوني "36 عاما" يعد من الداعمين والمساندين للقضية الفلسطينية منذ ما يزيد على العامين أمضاها في غزة مؤيدا وداعما لحرية الشعب الفلسطيني. أساليب القمع والتشويه الذي تتعرض له الثورات العربية العارمة لا يمثل إلا عجزاً وضعفاً من الأنظمة السياسية القائمة، التي تعوزها الحكمة والحنكة في إيجاد خريطة طريق لحل الأزمات والمشكلات السياسية الماثلة حاليا.. وعوضاً عن البحث عن كبش فداء، أو شماعات تعلق عليها أنظمة الحكم القصور والخلل.. عليها أن تبحث عن حلول جديدة وجادة وجديدة بأن تعيد للأوطان مجدها، وللمواطنين كرامتهم الإنسانية وعشقهم للحرية، والعدالة الاجتماعية الحقة.