18 سبتمبر 2025

تسجيل

المبادرة الفرنسية.. إنتاج مكرّر

17 مارس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في حمى التصعيد الدموي الإسرائيلي في مواجهة "انتفاضة القدس" العابرة الشهر السادس منذ تفجّرها في أكتوبر العام الماضي، ومرحلة السبات العميق الذي دخلته عملية التسوية منذ أكثر من عام مضى، وإعلان عطاءات جديدة لبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في مدينة القدس وعلى محيطها، تواتر الحديث عن وجود مشروع أو مبادرة فرنسية لاستئناف العملية التفاوضية بين الفلسطينيين وإسرائيل.الجهود الفرنسية لإعادة استيعاب الوضع التفاوضي المنهار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإن بدأ بترحيب من الجانب الأمريكي الراعي العملي الوحيد لعملية التسوية بعيدا عن اللجنة الرباعية الدولية، والتي بدورها لم تنجز شيئا على الأرض، إلا أن صنّاع القرار في الإدارة والبيت الأبيض لم يعلنا رسميا تأييد المبادرة الفرنسية، ولم يصدر أي بيان رسمي يؤكد ذلك، بانتظار على ما يبدو قراءة نتائج المباحثات ورأي الجانب الإسرائيلي.بيار فيمون الموفد الخاص الفرنسي إلى الشرق الأوسط، أمضى عدة أيام متحدثا مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين، بالإضافة إلى اتصالاته مع الأطراف الدولية ذات العلاقة، بشأن المبادرة أو المشروع الفرنسي.في حقيقة الأمر لمن يطلع على المبادئ الأساسية للمبادرة الفرنسية، من خلال وسائل الإعلام، يلحظ إنها بغالبية بنودها، عبارة عن إعادة إنتاج للأفكار الأمريكية الإسرائيلية للتسوية، وتبتعد عن مشروع المبادرة العربية في عدة عناوين أساسية فيها.بالنسبة إلى أهم العناوين، وهو مستقبل القدس، فإنها يميل إلى الموقف الإسرائيلي، مثل أن تكون المدينة المقدسة "موحدة وعاصمة مشتركة"، بحيث تقع الأحياء والمواقع المقدسة لليهود تحت "السيادة الإسرائيلية" الكاملة، (وهنا ترد عبارة السيادة)، والأحياء الفلسطينية والأماكن المقدسة للمسلمين تحت سيادة فلسطينية (وهنا السيادة مجهّلة).وفيما يتعلق بالترتيبات الأمنية على طول الحدود الفاصلة بين الكيانين إسرائيل وفلسطين، بما في ذلك وجود طويل الأمد لقوات الجيش الإسرائيلي في منطقة الأغوار على الحدود الأردنية الفلسطينية، مع نشر قوات دولية، وبحيث تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح تماما. أما قضية اللاجئين الفلسطينيين فيجري التعامل والتعاطي معها بطريقة مشتركة ومتوافق عليها، واللافت هنا عدم الإشارة إلى القرار الأممي رقم 194 للعام 1948 القاضي بحقهم في العودة إلى فلسطين.والأمر ذاته فيما يتعلق بتبادل الأراضي، وموضوع حل الدولتين، والذي يستند إلى حدود عام 1967، وصولا إلى الاعتراف المتبادل بين الكيانين وإنهاء الصراع. مع وضع جدول زمني شبه مفتوح، سواء للمفاوضات أو لتطبيق الاتفاق.القراءة الموضوعية لأفكار المبادرة الفرنسية، تلحظ فقدانها للضمانة من أي نوع لوصولها إلى نتيجة، ومن دون أي إشارة لقبول المطالب الفلسطينية المعروفة منذ سنوات، والمحددة لاستئناف المفاوضات، كل ما هناك وعد فرنسي غامض باعتراف بدولة فلسطينية، وهو اعتراف لدى الفلسطينيين نحو 134 اعترافا شبيها به. رد الفعل الرسمي الفلسطيني على المبادرة الفرنسية، كما أمكن قراءته من تسريبات، يشير إلى تحفظ على بعض الأفكار، لكنه في المجمل يرحب بإطلاق التفاوض، أما باقي القوى الفلسطينية وخصوصا فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، فأعلنت بشكل واضح رفضها لمنطق المشروع الفرنسي.في المقابل، كان رفض الإسرائيليين للمبادرة غير قاطع، فبالتدقيق في المواقف الإسرائيلية (الحكومة والأحزاب) يشير إلى تقبل فكرة استئناف التفاوض، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقول إنه يرفض التفاوض بشروط مسبقة، وانتقد المؤتمر لأنّه يقدم حوافز للفلسطينيين لعدم تقديم تنازلات على اعتبار أنّه يوجد لديهم ما يكسبونه بأي حال، سواء فشل المؤتمر أم جرى القبول به. طبيعي في هذه الحالة أن يسعد الإسرائيليون بالفكرة، فهي تحقق أهدافهم، وتنسجم مع تكتيكهم بإضاعة الوقت، حيث يستمر الاستيطان والتضييق على الفلسطينيين، وتستمر كل سياسات فرض الأمر الواقع.. وإلى الخميس المقبل.