15 سبتمبر 2025

تسجيل

العالم العربي والأخطار المحدقة

17 مارس 2013

العالم العربي يمر اليوم بأحداث لا يصدقها عاقل، فهناك صراعات وأخطار تحدث بهذه الأمة وعواصف. فنحن نرى بعد الثورات التي هي امتداد لحلقة بدأت منذ سقوط العراق والقضاء على الدول العربية واستنزافها بصراعات جانبية تدمر وحدتها وكيانها ورسالتها. وفي ظل هذه الأحداث في مصر والصراع وغياب العقول، نجد أطراف الصراع في مصر يريدون جر البلاد لحرب أهلية، وللأسف هناك إعلام يصعد، وساسة لا يفكرون بمصلحة بلادهم، وها هي مصر اليوم تتحول من دولة قيادية ورائدة في كل شيء وقوة للعرب إلى دولة تتصارع فيها الأحزاب والساسة على الكعكة،وخروج الغوغاء للتدمير والإخلال بالأمن وضياع الاقتصاد بما يخدم مصالح استقرار إسرائيل. وها هي سوريا تستنزف والأسلحة ترد على النظام من إيران والعراق وهي واقعة في خطر عظيم والمستفيد هو إسرائيل. وها هي العراق الجريحة المدمرة التي أصبحت مفككة تعيش الطائفية بأبشع صورها، وها هي السودان الممزقة، وها هي اليمن على كف عفريت ما بين الطائفية والعرقية والتطرف وصراع الساسة والقبائل وتوارد الأسلحة إضافة إلى المهاجرين من القرن الإفريقي. وهكذا دواليك، والشعب الفلسطيني لا يسمع له أحد والظلم واقع به، وها هم العرب يخسرون الكثير، خسروا دورهم القيادي في إفريقيا وانسحبوا منها، كان هناك دور مصري خليجي ثقافي وفكري وتعليمي وتنموي لهذه القارة العمق للعالم العربي بعد جهود الملك فيصل رحمه الله وغيره، وتحولت من المراكز والمدارس الإسلامية إلى حسينيات وغيرها، وسلمها العرب مجانا لخصومهم ولدور إسرائيل والغرب تحت مسمى مكافحة الإرهاب، توقفوا عن دورهم وسلموا جهود سنوات في إفريقيا وأوروبا وحتى البوسنة والهرسك وكوسوفو وإندونيسيا وماليزيا، سلمناها لدعاة الطائفية والمذاهب المنحرفة الذين تسللوا ليغيروا عقائد هؤلاء الناس وسلمناهم لهذا الفكر المنحرف حتى غدا السفراء العرب في تلك الدول يعيشون حزنا وألما شديدين لعجزهم بعمل شيء أمام ما يرونه من مآس وحتى آسيا الوسطى وألبانيا وغيرها تركناها لإسرائيل ونفوذها. ويدري الإنسان ماذا يفكر العرب في أن يبقوا ضعفاء أمام خصومهم ويتخلصوا من حلفائهم وإخوانهم، وللأسف أن عدداً من القادة العرب والساسة والمفكرين يظنون أنهم إذا فعلوا ذلك وتركزوا الأمور وعاشوا يوميتهم دون النظر إلى الرسالة الإنسانية والمشروع الحضاري أنهم يعيشون بسلام ويتركونهم، وهذا لم يحقق الهدف الذي وضعوا لأنفسهم، فقد تخلى عنهم الغرب واستغلهم للقضاء على هوية أمتهم واستخدمهم جسورا لتحقيق الأجندة التي تخدم مصالحهم وأن مصالحهم فوق كل شيء فهم ليسوا جمعية خيرية ولا بني عبس وقيس وطي، وإنما هم أصحاب منهج ومصالح لشركات ومؤسسات تبشيرية وتاريخ، وقد استطاع الغرب أن يوجد في بلادنا تغييراً ديمقراطياً في التركيبة السكانية وأن يؤثر في سلوك وتفكير الناس وإحلال المادية والانطواء وغزو فكري مركز والانفراد بالعالم الإسلامي وغيره وثروات إفريقيا وآسيا الوسطى. ولم يدع الغرب أي مشروع الا واستخدمه من الشيوعية والقومية والعلمانية والليبرالية والتطرف وجماعته والطائفية وإقامة دول تنشر الفكر الطائفي. وأخيراً ما يجري في بلادنا والعزلة وانشغال العرب صراع سوريا واللاجئين حتى رأينا بيع أغذيتهم وأغطيتهم في السوق السوداء واستغلالهم بالزواج، ورأينا تقارير مأساوية حزينة عن اللاجئين السوريين في بلاد عربية، إضافة إلى دمار بلادهم، وهذا ما رأيناه في العراق، وأما مصر فهي في الطريق للدمار والخراب والحرب الأهلية لأن هناك عناصر تريد ذلك، معارضة لا يهمها الديمقراطية وحكومة غير واقعية، وصراع الستينيات بين الناصريين والإسلاميين، وإذا سقط النظام الحالي فسيسقط الذي بعده كذلك، وسيكون الشارع هو وسيلة التعبير وليس المؤسسات الدستورية وليس القانون، وتبين أن الديمقراطية أكذوبة ونكتة مستهلكة من الساسة المصريين الذين صدموا العالم العربي بأسلوبهم المتخلف. واليمن أمرها مخيف كذلك إذا انشغلت بحروب أهلية وتقسمت لتصبح قاعدة ومركزا لتصدير الإرهاب والجريمة والمخدرات وتجارة الأسلحة لدول المنطقة، ويصبح العرب يحارب بعضهم بعضاً كما قال برنارد لويس الصهيوني وكما تريد إسرائيل في برنامجها لتنفرد بالفلسطينيين وتحقق أحلامها. وأصبح العرب أمام مشروعين إقليميين، مشروع إسرائيلي ومشروع إيراني، وكلاهما بدعم الغرب ويصبان في مصالحه وأهدافه، إيران تتوسع في العراق ولبنان اليمن وتحاول أن تسقط مصر وتجعلها تحت إبطها وتابعة لها وتكون شرطي المنطقة والمهيمن، وهي لن تحارب إسرائيل وبينهما قواسم مشتركة، هناك مخطط كبير، والجامعة العربية التي أصبحت مجرد شكل وصورة ولم تعد سوى تصدر بيانات وتستنجد بالأمم المتحدة والدول الكبرى، حتى الأخضر الإبراهيمي مندوب لها عن طريق الأمم المتحدة وهي نمر بلا مخالب وأنياب، وهذه حقائق. هذا العصر الذي نعيشه أتعس العصور وأسوأ الظروف وصراع كراسي ومصالح، ولا يوجد قادة لهم مشروع، الكل يلهث وراء الغرب ومجلس الأمن وكأن الله ليس هو القادر على كل شيء. ويشعر الإنسان أن هذه الأمة التي فقدت الهوية والبوصلة تبحث اليوم عن قادة يحملون مشروعاً حضارياً للإنسانية التي تبحث اليوم عن إنقاذ، ورسالة العرب هي الإسلام ولكن العرب اليوم وجهوا قبلهم تجاه الغرب والشرق ولم يوجهوه إلى ربهم وإلى دينهم الذي هو حل لمشاكلهم وهويتهم ووحدة كلمتهم، المسلم العربي يسأل اليوم أين الرجال وليس الذكور!!