23 سبتمبر 2025

تسجيل

عن جمهورية لبنانستان

17 مارس 2012

في تصريحه لوسائل الإعلام أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ضبط مخابرات الجيش لخلية سلفية كانت تخطط لعمليات تخريبية لولا وضع الجيش يده عليها وهي في مرحلة متقدمة من تنفيذ مخططاتها التي كان منها نقل عبوات ناسفة إلى داخل ثكنات عسكرية بعد أن نجحت، وللمرة الأولى في تاريخ الخلايا "الجهادية"، في استقطاب وتجنيد عسكريين، حيث أفلحت الخلية من تجنيد رتبتين في الجيش. المعلومات المتوفرة - على قلتها - تؤكد أن الخلية تعمل بين شمال لبنان والمخيمات الفلسطينية، وهي حديثة التشكيل ولا ترتبط بأي تيار سياسي أو شخصية سلفية معروفة في البلد، لكن الشكوك تحوم حول صلتها بتنظيم القاعدة. المفاجأة في تصريح ميقاتي أن الخلية غير مرتبطة بالشأن السوري، وهو ما يصيب بعض المتحمسين بالفتور بعد نشوة الخبر حيث إن الكشف عن الخلية يأتي بعد حملة تصعيد إعلامية مدروسة ومنسقة دأبت وسائل الإعلام المؤيدة للنظام السوري أو المحسوبة على قوى 8 آذار على انتهاجها. وقد ركزت تلك الحملات على شيطنة الوجود السلفي وتحذير المجتمع اللبناني من وجود "القاعدة" وحركات سلفية جهادية جاءت من أقطار عربية وإسلامية للتخريب والتسلل للداخل السوري. تناغم ذلك مع تصريحات لقيادات في قوى 8 آذار، بدأ بها وزير الدفاع فايز غصن المحسوب على سليمان فرنجية الحليف التاريخي للنظام السوري بالقول بتسلل عناصر للقاعدة إلى سوريا عبر لبنان، وأن بحوزة قيادة الجيش ملفات كاملة لتحركات الخلايا القاعدية، وهو ما لاقى في حينه أخذاً ورداً من قبل الفرقاء السياسيين حتى وصل الأمر بوزير الداخلية سربل نحاس وقيادات أمنية أخرى نفى وجود معلومات لديها تؤكد ما ذهب إليه وزير الدفاع. وقبل الحديث عن أبعاد هذا الكشف الأمني، لابد من الإشارة إلى اللّغط الذي أثير قبل أسبوعين حول الاعتصام الذي نظمته قيادات سلفية في ساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت تضامنا مع الشعب السوري، والذي قابله في المكان والزمان نفسه اعتصام للبعثيين دعماً لبشار الأسد.. يومها تكلم سياسيون مشاركون في حكومة ميقاتي من حلفاء سوريا حول الخطأ الفادح الذي وقعت به الحكومة بغض بصرها عن اعتصام السلفيين المناهض للأسد متسائلين عن معنى " النأي بالنفس" الذي يرفعه الرئيس ميقاتي مع السماح لأعداء سوريا بالتجمهر والتحريض على الإرهاب والقتل في سوريا؟ قبله بأيام، اعتصم العشرات من السلفيين على مدخل مدينة طرابلس مغلقين الطرق المؤيدة إلى داخل المدينة اعتراضا على توقيف مخابرات الجيش اللبناني لأحد مشايخهم على خلفية فتوى تحرم الانخراط في مؤسسات الحكومة والتطوع في المؤسسة العسكرية باعتبارها مؤسسة كافرة، ما لبثت أن أفرجت مخابرات الجيش عن الشيخ بضغط من رئيس الحكومة. هذا الحراك السياسي الملحوظ للوجود السلفي أقلق من هم على خصومة واحتكاك مباشر معهم في طرابلس، مثل الحزب العربي الديمقراطي الذي يتزعمه رفعت عيد في جبل محسن إذ حذر من أن طرابلس تحولت إلى ولاية قندهار بفضل التسلح السلفي فيها. كلام عيد وإن كان فيه الكثير من المبالغة إن لم يكن منافيا للحقيقة خصوصاً لمن يعيش في طرابلس إلا أنه يفسر القلق والانزعاج الذي بدأ يسببه الحضور السلفي لحلفاء سوريا في لبنان ومحاولتهم توريط قياداته بالأزمة السورية دون أن ننسى فضيحة المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية السوري وليد المعلم وفيلمه عن جماعات إرهابية تبين فيما بعد أنهم مقاتلون من طرابلس خلال أحداث 2008. لا أريد أن أقلل من أهمية الكشف الأمني للخلية، ولا ألتمس له المبررات، كما وأعتقد في المستقبل المنظور سوف يزداد الحديث عن وجود "السلفية الجهادية" لأن ذلك يخدم من هم في السلطة اليوم، كما يخدم رواية النظام السوري ويعطيها زخما ومصداقية بعد أن أصبح النمو السريع للظاهرة السلفية مؤثراً في المشهد السياسي وواعداً في استقطاب جمهور سني متعاطف مع الشعب السوري الذبيح ومغتاظا من حكومة لبنانية يراها منسجمة ومتواطئة مع النظام السوري وراء ستار "النأي بالنفس ".