18 سبتمبر 2025
تسجيلتعطلت ملامح التدخل العسكري لإنقاذ الشعب السوري أو حتى مجرد تحقيق المناداة بتسليحه لمواجهة براثن عدوان النظام المتسلط. وغدا قدر دمشق العريقة بتاريخها وحضاراتها أن تكون الآن ملتقى التوازنات الإقليمية والدولية بكل عسكرتها وقواها السياسية تتجرع مع سيل الدماء وحالات القتل والتشريد وانتهازية العدوان على الأرواح والأعراض في كل الأراضي السورية التي انتفضت لكرامتها المسلوبة طويلاً تتجرع نتاج التضاد العالمي المحموم بحسابات قواه السياسية ودخان القنابل الإيرانية النووية المرتقبة والتي يراوغ ساستها في مفاوضات تمددها سخونة الأجواء الإقليمية مستجيرين بأحداث المنطقة والمساومة على الحلول فيها كما في طرحهم في المفاوضات الأخيرة بإقحام البحرين وسوريا في المباحثات. ومع حالات المد والجزر في الحالة السورية الاستثنائية شكلاً ومضموناً وما أفرزته من تبعات في المشهد الإنساني المتأزم الذي اكتفت معظم دول العالم حياله بحزم من المساعدات لا تسد بحجمها الحاجة المتفاقمة للشعب المغبون. فبرزت المبادرة القطرية التي تجاوزت بمضمونها حالات التعاطف إلى العمل الفعلي بتسليم مقر السفارة السورية في العاصمة القطرية الدوحة إلى ممثل الإتلاف السوري المعارض السيد نزار الحراكي لتكون قطر أول دولة في العالم تتخذ مثل هذا الإجراء الدبلوماسي تجاه القضية السورية وهو ما اعتبر عالمياً بادرة عملية وقوية اتخذتها الحكومة القطرية هنا بثقة في تأكيد من الدوحة على المضي نحو حلحلة المسألة السورية وفقاً لما ترتضيه أطياف المعارضة بمكوناتها الشعبية العريضة لمستقبل البلاد هناك. عموماً رؤية قطر حول التجاوب الرسمي بتسليم مقر السفارة لإتلاف المعارضة ليست مجرد حالة مزاجية مشحونة بالتعاطف أو حتى لمجرد حصد سبق سياسي عالمي للدبلوماسية القطرية بل هو استقراء قطري منطقي واثق لمآل الأمور قريباً في المشهد السوري وتكتيك متقن ضمن جملة الحراك في الملف السوري الذي تتبناه دولة قطر ضمن التكتلات الإقليمية والدولية الناشطة. فهكذا قدر قطر في دورها المحوري الحالي لا تقبل بأنصاف الحلول بل تنتهج الشفافية والعمل المباشر رغم وعورة المهمة غالباً وما يلفها من حالات فهم تتقاطع مع جدية العمل. فرغم تزامن القرار القطري الذي قوبل بالإعجاب والارتياح بين الأوساط المتابعة مع استمرارية التسليح الروسي للنظام وتتابع وصول شحنات السلاح التي تستهدف تأكيد القمع واستمراريته الممنهجة وفقاً لرؤية المعسكر الروسي ومن يدعون الوصاية على النظام السوري والرهان على بقائه رغم انتهاء صلاحيته السياسية وعزوف عموم المجتمع الدولي عنه لممارساته القمعية المستبدة تجاه شعبه. عموماً ما وددت الإشارة إليه في سطور مقالتي هو التأكيد على أن الرؤية القطرية لقرار تسليم السفارة تتضمن التأكيد على أن مسار العمل السياسي في الشأن السوري رغم وعورته وغياب الحل العسكري الذي ربما لن يأتي أو قد يجلب معه خلخلة في البنى السياسية في المنطقة ويحمل المنطقة فاتورة قصوى من التكاليف والتبعات إلا أن العمل السياسي الذي يؤازر قوى المعارضة وفقاً للرؤية القطرية ومن تنسق معه سيجلب الحل الجذري لتغيير المشهد السياسي في دمشق وفق الرؤية الصحيحة التي تحقق السلامة للشعب السوري والدور الإيجابي لنظام قادم. وهو ضمان مؤكد تعطيه قطر للمعارضة وللمتابعين الدوليين من دول وأفراد بثقة ومصداقية عمل واعية لمجريات الأحداث وصياغتها القادمة.