11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يُعدُّ إدراج المجلس والقهوة العربيّة في القائمة التّمثيليّة لليونسكو حدثا مُبهجا في الوسط الخليجي والعربي، إذ يمنح هذا الإدراج اعترافا وتقديرا عالميّا لمكوّنيْن من أبرز مكوّنات التّراث الثقافي غير المادّي في الخليج العربي. ولاشكّ فإنّ الجهود المشتركة لكلّ من قطر والمملكة العربيّة السّعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة وسلطنة عمان قد أثمرت هذا التّتويج، وهي جهود لا تُخفي دور الجمعيّات والمنظّمات المدنيّة في معاضدة هذا الجهد، وتقديم مسوّغاته الواقعيّة. فما من مواطن خليجي لا يُدرك منزلة كل من المجلس والقهوة العربيّة باعتبارهما عنصرين حيّين يعيشان صُلب البيئة الخليجيّة.ما فتئ المجلس يلعب دورا تواصليا رئيسا منذ القديم، فهو الفضاء العمومي الخليجي بامتياز حيثُ يُعدّ المدرسةَ الأولى التي تعلّم فيها الكبير والصّغير، مكوّنات الهويّة العربيّة الإسلاميّة من آداب الحوار والتّعايش والتّآخي، وفنون القول من خطابة وشعر، وأدوات الإعلام من إخبار ونقل للمعلومة ونقاش وتحليل، كأنّما يلخّص المجلس المنبر الإعلامي على مرّ القرون. ويمثّل المجلس نموذجا مخصوصا لأبناء الخليج فيكشف خصوصيّة البيئة الثقافيّة وثراء الموروث الثقافي الذي تناقله الأجداد وتوارثه الأحفاد ليجعلوا منه ثابتا ثقافيّا واجتماعيّا.ولا يمكن إهمال المجلس في دراسة الشّخصيّة الخليجيّة لأنّه الفضاء الذي تكوّنت فيه هذه الشّخصيّة فاتّسمت بجميع أبعاده الوظيفيّة. وقد لعب المجلس أدوارا مهمة في تلاحم البنية الأسريّة وبناء العلاقات الإنسانيّة من إشاعة لقيم الصّداقة وتوثيقٍ لعرى المودّة بين الأزواج كلّما طرأ طارئ، كأنّما المجلس حصانة العلاقات البشريّة، بالإضافة إلى الدّور السياسي الذي أسهم فيه المجلس لدى أهل الحلّ والعقد، فكان فضاء المُشاورات وتدارس شؤون النّاس.وارتبطت القهوة العربيّة بهذه الوظائف المتعدّدة كأنّها جزء من تركيبة المجلس أو رائحته المخصوصة، واحتلّت مكانته المميّزة في الموروث الخليجي. وعكست القهوة إكرام الضّيف وأبانت عن فضائل المضيف. ولكنّ هذه الأهميّة لكلّ من المجلس والقهوة العربيّة تحتاج إلى التّفكير في سبل التّعريف بهما وتثبيتِ حضورهما في المجتمع الخليجي وترويجهما دوليّا من خلال استثمار هذا النّجاح الذي جسّمته عمليّة الإدراج، لأنّ طرق صون هذين المكوّنين تحمّل جميع الأطراف التي كسبت هذا الرّهان مسؤوليّة مواصلة تثمينهما. ولا يمثّل الإدراج غير نقطة بداية العمل الفعلي للمحافظة على هذين العنصرين من خلال التّفكير في الخطوات المستقبليّة. وتساعد مثل هذه المشاريع الثقافيّة في صون التّراث الثقافي غير المادّي وربطه بالتّنمية ومنها استثمار المجلس والقهوة العربيّة للسياحة الثقافيّة، إذ لا يستمدّ التراث الثقافي غير المادّي صفته الرئيسة من كونه جزءًا من الثّروة الرّمزيّة وإنّما من خلال ربطه بالتّنمية التي تساهم في تجذيره في بيئته وتوسيع أفقه ليكون واجهة للتنوّع الثقافي العالمي.