12 سبتمبر 2025

تسجيل

حريق في بلاد الرافدين

16 ديسمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تعرضت بلاد الرافدين لحرائق كثيرة على مدار 6 آلاف عام من التاريخ المعروف، لما امتلكته من أراضٍ خصبة، وسحرت البشر بنهريها الهدارين (دجلة والفرات)، وجبالها وسهولها وهضابها. كما شكلت أرض الرافدين ممرًا لكل الطيور، وأوطانًا لكل الأمم، وحلمًا لكل الحكّام والقادة، فاستوطن بها السومريون، الأكديون، والبابليون، والآشوريون، الآراميون... فشهدت بلاد الرافدين مولد الشعوب القديمة، وأساس الحضارة الإنسانية، وعاصرت أعتى الحروب وأبشع المجازر والمعاناة، والفقر والخوف والترحيل، مثلما عاصرت الولادة، والحياة والخصوبة والابتكار.لم تكن الإمبراطورية الفارسية الساسانية، وإمبراطورية الإسكندر الأكبر، والمغول، والأمويين، والصفويين والعثمانيين، إلا غيضا من فيض الإمبراطوريات التي تأسست، والأقوام التي استوطنت بأرض الرافدين، طوال 6 آلاف عام من تاريخها الطويل. اعتقد كل من سيطر على الأراضي الواقعة بين الرافدين، أنه امتلك قلب العالم، فأطلق عليها الفرس اسم "دل إيرانشاه" أي (قلب إيران). فيما أطلق العثمانيون على المنطقة اسم "شام شريف" (الشام المباركة)، فكانت مدن الهلال الخصيب مثل بغداد، والموصل، والبصرة وغيرها، تحظى بمكانة مرموقة لدى الدولة العثمانية. بلاد الرافدين هي مصيرنا وامتحاننااليوم، عادت أرض الرافدين لتشهد حريقًا هائلًا مرّة أخرى، وكما حدث طيلة آلاف السنين، عادت المنطقة لتدخل تحت نير حروب الوكالة وتصفية حسابات القوى العظمى، الطامعة بالحصول على ثروات المنطقة، وعدنا كما الأجيال السابقة، نقف شاهدين على محنة عصيبة. تكالبت الأمم على هذه الأرض من أجل الحصول على الحبوب، ثم الماء، ثم طرق التجارة، ثم النفط، أما اليوم فمن أجل الغاز الطبيعي.أما نحن أبناء أرض الرافدين، فنحترق بأوار تلك المعارك ونكتوي بنارها، ونخسر كل ما نملك في هذه الحرب. نحن الأتراك والعرب والأكراد... شعوب هذه المنطقة القديمة، وأممها الثلاث العظيمة. لقد كان قدرنا أن نعيش في هذه المنطقة التي لا تنضب ألمًا.. أرض الرافدين هي قدرنا وامتحاننا وقصتنا. كل مدينة قامت على ضفاف دجلة أو الفرات، تشهد حريقًا هائلًا لا يُبقي ولا يذر، إن من يموت من أبناء ديار بكر والموصل وحلب وبغداد، هم مرة أخرى، الأتراك والعرب والأكراد... لم تشهد المنطقة فوضى بهذا الحجم، وتداخلات في مصالح القوى الكبرى، منذ الغزو المغولي والحرب العالمية الأولى. إطفاء الحريق يمر باتحاد ثلاث أمم قديمةلم تطلع الشمس على محيا أرض الرافدين، منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن. لم يكفهم ما قاموا به من تقسيم للمنطقة، ليعودوا مرة أخرى لتقسيم المقسَّم، وتفتيت ما تبقى من قطع صغيرة. والنتيجة.. المزيد من الألم، المزيد من الحروب، الكثير من الموت.في الواقع، إن خلاص أرض الرافدين، لن يتحقق إلا باتحاد أممه الثلاث القديمة، الأتراك والعرب والأكراد، عندما يولد مثل هذا الاتحاد، فسيعم السلام على هذه الأرض، وستخمد كل الحرائق المستعرة الآن.إن تحالفنا وتعاوننا وصداقتنا موجهٌة لإخماد الحريق الناشب في بيتنا، فلسنا نطمع بالحصول على أرض أحد، ولا الاستيطان في منزل أحد، خاصة وأننا جميعًا أبناء منطقة واحدة، اسمها أرض الرافدين.. علينا أن نلتقي بعد طول فراق وأن نضع حدًا لهذا المنفى. علينا أن نقدم على ذلك بحكم ودراية وعقل راجح، من خلال الدبلوماسية والاقتصاد والاتصالات والثقافة والفن والعلم، وإلا فلن نتخلص نحن أبناء أرض الرافدين من جشع الذئاب الضارية، التي أتت من كل حدب وصوب ومن على بعد آلاف الكيلومترات، طامعة بالسيطرة على أرضنا، وثرواتنا.