29 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); البعض يسميها "بخشيش"،وتلفظ لدى عرب آخرين "بقشيش"،وهي على ما أظن كلمة جاءتنا من اللغة التركية،والبعض يسمّيها"إكرامية"، ويجمع بين المفردتين معنى أن يعطي الزبون لصاحب الخدمة مبلغا من النقود، تعبيرا عن الامتنان والشكر للخدمة المقدمة إليه، ومنهم من يفضلها نقودا، ومنهم من يرى بما يقوم به واجب وجزء من مهام العمل. هناك الكثير من الأمثلة البسيطة نشاهدها ونعايشها يومياً، ندفع فيها البخشيش، وقد يكون هذا الدفع أحياناً ذوقا وأحياناً إحراجا وأحياناً أخرى إجبارا، لكن لا يزال هذا المفهوم متباينا في مجتمعاتنا العربية، بل وبين أفراد وفئات المجتمع نفسه، إضافة إلى أن الإكرامية أو البخشيش ظاهرة لم تعد محصورة بطبقة اجتماعية معينة، فانتشارها بات سلوكا يوميا يمارس لأهداف تختلف تبعا لدوافع كل شخص . هذه الظاهرة السلبية بالعرف الاجتماعي، انتشرت في السنوات الأخيرة في قطر مع تزايد العمالة الوافدة من جنسيات متعددة كعمال الخدمات في المطاعم، وصالونات الحلاقة، الكافتيريات والمقاهي، ومحطات تعبئة الوقود، الفنادق، ومراكز وصالونات التجميل ..إلخ، بهدف كسب المال من الزبائن .وهذه الظاهرة المستجدة (الإكرامية)،لا تزال مثار جدل، فهنالك من يؤيدها بوصفها وسيلة تعبير جيدة للامتنان والرضا عن الخدمة المقدمة أو رغبة في الحصول على معاملة خاصة، وهنالك من يراها صورة من صور الوجاهة والاعتزاز، وعلى النقيض من ذلك تجد من يراها وسيلة للابتزاز، بل وربما يرفضها من حيث المبدأ .قال لي أحدهم إنه يجمع من "البخشيش" من زبائن المطعم الفخم الذي يعمل به نادلا "جرسون"، أكثر مما يتحصل عليه كراتب من صاحب العمل شهريا، لم يفصح لي عن الأسلوب، ولكن الواضح أنه يلجأ إلى إحراج الزبون بالكلام الجميل والترحيب المرافق لمغادرته كما استقباله، إضافة إلى استغلال الخجل عند البعض من الزبائن للحصول على مراده، أو بطرق تهدف في غالبيتها إلى الحصول على بعض الريالات التي تتبقى من فواتير الدفع . في مكان آخر أفضى لي أحدهم أن العمال يلجأون إلى الحديث مع الزبائن بمفردات وأدعية مأخوذة من سياق سور القرآن الكريم أمام الزبائن في محاولة لاستنهاض المشاعر الإسلامية عندهم ليمنحوهم البخشيش أو الإكرامية، سمها كما شئت. وقــد يفرض بعض العمال أنفسهم على توصيل مشتريات الزبائن إلى سياراتهم كما هو الحال مع البقالات المنتشرة في الشوارع التجارية، أو داخل الأحياء السكنية، رغــم أن مشترياتهم قد لا تحتاج إلى هذه الخدمة ، أو كما يتحجج موظف الصندوق" الكاشير" بعدم وجود فكّة، وهذا ما اعتاد فعله سائقو سيارات الأجرة بهدف الاحتفاظ بالباقي . إذن نحن أمام هذه الفئات من العمالة التي تتحايل على الناس، للحصول على النقود، وأصبحت ظاهرة تحتاج إلــى إلزام جهات العمل عمالها وموظفيها بعدم استخدام مثل هذه الأساليب، وبالتالي توجيههم إلى خدمة الزبائن كجزء أساسي من طبيعة عملهم دون مقابل مادي، وتوعيتهم بالحرص على ترك أمر الإكرامية "البخشيش" برمته للزبائن، وعدم اسـتخدام الإيحاءات والتعبيرات والألفاظ لإحراج الزبائن لكسب المــال. كلمة أخيرة، لنقل ولعل البعض يتفق معي، أن نبقي الإكرامية برغبة واختيار الزبائن وأن تترك للحرية الشخصية، في إطار الشكر لمقدمي الخدمة دون لجوء مقدمي الخدمة إلى إحراج وتخجيل الزبائن، وعلينا محاربة هذه الظاهرة السيئة ولكي لا تكون جزءا من العادات المجتمعية. وإلى الثلاثاء المقبل .