11 سبتمبر 2025

تسجيل

هذي عوايدها قطر

16 نوفمبر 2022

قبل اثني عشر عاما تراقصنا فرحاً وتعالت أصواتنا تنشد (فوق اصعدي فوق اصعدي)، خرج الجميع للشوارع مبتهجاً بهذا الحدث الكبير وتلألأت سماء الدوحة بالألعاب النارية وأقيمت الاحتفالات احتفالاً بفوز دولة قطر بتنظيم بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، فلقد كان فوزاً كاسحاً وتحدياً كبيراً للدول الكبرى المنافسة. وهو كذلك تحدٍّ أكبر لدولة قطر وكل من يقيم على أرضها، لكونه أول مونديال يُقام بالشرق الأوسط والمنطقة العربية. وكذلك لكونها دولة صغيرة جغرافياً ولا تمتلك في حينها البنية التحتية اللازمة لمثل هذه البطولات العالمية. فتعرضت قطر لحملة غير مسبوقة لم تشهدها أي دولة مضيفة، بلغ بعضها حد الافتراء. كما شكَّل هذا الفوز صدمة وضربة موجعة لعدد من الدول والتي لم تتمالك غضبها فكشفت أوراقها وكشَّرت عن أنيابها لتعيق وتثير الشكوك في قدرة قطر على تنظيم مثل هذا الحدث العالمي. ولم يقتصر الأمر على ذلك فلقد تعرضت البلاد للعديد من الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال فترة الحصار ثم تلاها انتشار جائحة كورونا وما سببته من تعطيل لجميع المخططات والأعمال بشتى أنواعها. وبالرغم من كل هذه الضغوطات والمعوقات والهجوم المستمر إلا أن قطر سارت في خطاها بإصرار وعزيمة فاقت الوصف ولم تدخر جهداً أو مالاً أو وقتاً خلال تلك السنوات لبناء البنية التحتية والتي تُعد جزءاً من إستراتيجية قطر 2030. فتم بناء الملاعب الجديدة وتجديد الملاعب الموجودة وكذلك بناء مترو الأنفاق المتطور وتحديث شبكة الطرق والمواصلات وكذلك بناء مطار جديد وتحديث المطار القديم وقامت ببناء العديد من الفنادق والأماكن الترفيهية والسياحية. في حين أن تأثير تلك البنية التحتية التي تم إرساؤها لن يقتصر فقط على فترة كأس العالم، بل سيمتد إلى ما بعدها، خاصة في ظل إطلاق مشاريع ضخمة في مجال إنتاج الغاز المسال، وما يعنيه ذلك من توفير موارد مالية يمكن أن تستخدم لتنويع النسيج الاقتصادي للدولة. حيث توقع صندوق النقد الدولي مؤخراً أن تصل نسبة النمو الاقتصادي لقطر إلى 4.9 بالمائة، مدعوماً ومدفوعاً بالعديد من العوامل الأساسية، في مقدمتها الارتفاع المستمر لأسعار الغاز والاستضافة التاريخية لهذا المونديال. فكأس العالم ستكون بوابة قطر نحو آفاق نمو أرحب في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن المتوقع أن تجتذب البطولة على مدى 29 يوما أكثر من 1.5 مليون زائر للدوحة وهو رقم قياسي، كما يقدر الفيفا بأنه من الممكن أن يسعى نحو 40 مليون شخص لزيارة قطر بعد انتهاء البطولة. هذا ولا يمكننا تجاهل أن 5 مليارات نسمة من كوكب الأرض والذي يبلغ 8 مليارات سيتعرفون بشكل أفضل على قطر عبر وسائل الإعلام المطبوعة وشبكات الإذاعة والتلفزيون، ومن منشورات التواصل الاجتماعي التي ستصدر عن المشجعين والفرق المشاركة، والصحفيين المتواجدين في قطر وخارجها، مما سيساهم في مزيد من الانتشار لصورة قطر حول العالم. فهذه الاستضافة ما هي إلا مبادرة حكومية لتحويل قطر إلى مجتمع عالمي وتوفير مستوى معيشة أعلى. طامحة في أن تصبح مركزا إقليميا للأعمال وإلى زيادة عدد السياح إلى ثلاثة أمثاله ليبلغ ستة ملايين سائح سنويا بحلول 2030. وها نحن الآن تفصلنا أيام قليلة عن أكبر حدث كروي للعبة الشعبية الأولى، حيث سيتزامن هذا الحدث العالمي مع احتفالات الدولة باليوم الوطني حاملاً شعار "وحدتنا مصدر قوتنا" لإرسال رسالة واضحة وصريحة لجميع الأمم بأن قطر ما قامت ونهضت وتطورت إلا بوحدة الشعب وتكاتفه مع الحكومة في السراء والضراء داخلياً وخارجياً ولا نغفل الوحدة الوطنية بالتقارب والتلاحم بين الدول الصديقة العربية والغربية. فطيلة عقود خاض الشعب القطري أحداثاً تاريخيّة كبرى، قدّم فيها العديد من التضحيات، ليرسم مساره بخيوط من ذهب متحدياً كل الصعاب للتوحد تحت راية واحدة ولتعزيز وحدته الوطنية والتي هي مصدر قوته، مما خط علامات فارقة في هويته ونسيجه الاجتماعي والسياسي. مفتخراً بانتمائه وولائه لقيادته الحكيمة التي دائماً تقوده إلى بر الأمان بتحقيقها تطلعاته وإيفائها للوعود التي قطعها القطريون على أنفسهم وأمام العالم ليكسبوا التحديات الحضاريّة. فهنيئاً لكل قطري هذا الحصاد الذي زرعه الأجداد والآباء بغرس قيم الإصرار والتكاتف والوفاء والعزّة والتلاحم المجتمعي للمضي في تحقيق الأهداف ونسج خيوط المحبة بكتابة وتسطير ملحمة جديدة تتبناها الأجيال القادمة.