11 سبتمبر 2025
تسجيلتقول الآية الكريمة (٦) من سورة الحجرات ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على فعلتم نادمين ) . والمقصود بالنبأ هنا هو الأخبار أو الإدلاء ونشر معلومات غير صحيحة دون التأكد من مصدرها ومن صحتها ، ويكمن الخطر إذا قام الفاسق بنشر هذه المعلومات وتضليل الناس بغرض تصديقها وإثباتها ، وهنا لا بد من بيان حقيقتين الأولى التبين من صحة الخبر ، و الثانية التثبت من حقيقته ، حيث تذكر الآية الكريمة بنهاية الجملة أنه إذا حدث هذا الأمر فإن من شأنه أن يؤدي إلى الندم والإحساس بالذنب . ومن هذه الآية حضرني موقف شهادة ظلم الإمام الشافعي بنفس الموضوع حيث إنه كان جالسا وسط تلامذته يلقنهم علوم الدين، فجاءته جارية وقالت له: يا إمام: أتزني بالليل وتخطب بالنهار؟فنظر تلاميذ الشافعي له منتظرين إجابته ونفي هذه التهمة، فنظر الشافعي للجارية وقال لها: يا جارية كم حسابك؟فثار تلامذة الشافعي منهم من صاح ومنهم من قام ليمشي ، فقال لهم الشافعي: فلتعتبروني مثل التمر ، كلوا منه الطيب وارموا النواة فلم يعجب التلاميذ بهذا الحديث ،ووسط هذا اللغط جاء رجل مسرعاً يقول: يا جارية إن بيتك يحترق وبداخله أبناؤك . فجرى كل من كان موجوداً باتجاه المنزل بمن فيهم الشافعي حين وصلوا دخل الشافعي مسرعاً وأنقذ الأطفالفقالت الجارية منكسرة: إن اليهود هم من سلطوني لأفعل هذا حتى تهتز صورتك وسط تلاميذك ، فنظر التلاميذ متسائلين للشافعي لماذا لم يدافع عن نفسه وينفي التهمة عنه ؟ فقال الشافعي: لو كنت نفيت التهمة كنتم ستقتسمون لفريقين فريق لن يصدقني ويستمر في تكذيبي، وفريق يصدقني ولكن يشك في قرارة نفسه ، فأحببت أن أفوض أمري كله لله ، وقد نصره الله سبحانه في لحظتها بحوبه حرق بيت الجارية . ونحن في هذه الفترة نعيش في جو من الفتن ونشر الأنباء الكاذبة ،والأحداث المفبركة التي لا صحة لها من دول الحصار ، ونشعر بالظلم والافتراء حين يستمرون بالكذب ونفوض أمرنا إلى الله سبحانه وتعالى علام الغيوب الذي سوف يظهر راية الحق والصدق مهما ماطل الناكرون وكذب المكذبون ، وأن المنافق الفاسق سوف يبلوه الله بما فعل ونحن نتابع بصمت ما يحدث لهم من فتن وتوترات وانقسامات داخلية في بلدانهم وبين شعوبهم من انهيار اقتصادي وتهديد عسكري يزعزع الأمن بالمنطقة، ونسوا بأن الله يمهل ولا يهمل . خاطرة عندنا مثل شعبي قديم يقول " الحوبة تبطى بس ماتخطى" بمعنى أن عاقبة الحق الضائع أو الإثم الظالم سوف تتبع وتلحق صاحبها مهما طال به الزمان أو قصر ، فليتعظ كل ظالم قبل ما ينفعه الندم.