18 سبتمبر 2025

تسجيل

قمة بريسبن.. هل تعدل الميزان العالمي؟

16 نوفمبر 2014

لا تزال اجتماعات القمة لدول العشرين تلتئم منذ يوم أمس في مدينة بريسبن الأسترالية بحضور كبار قادة دول العالم للخروج بصيغ معدلة تصحح مسار الاقتصاد العالمي الواهن وحالات الركود والانتكاسات الاقتصادية بوضع الخطط والحلول لإنعاش الاقتصاد العالمي وتجنيب العالم التراجع والكساد في ضوء مؤشرات أسعار النفط المتراجعة، خاصة أن دول مجموعة العشرين تحقق 90 % من إجمالي الناتج العالمي وتسعى إلى تحقيق نسبة نمو تدفع بوتيرة الإنتاج نحو الاستمرارية والنمو، مستفيدة من تجارب التاريخ العالمي ومنافساته المخلة بمسيرة الاقتصاد وكذلك تجاربه الناجحة أيضاً في تنمية موارد الدول. والحديث عن الاقتصاد والنمو والصناعة لا يبتعد عن أحاديث السياسة والحروب ومشاكل العالم هنا وهناك، فما يجري في بريسبن ليس ببعيد في مضمونه عما يجري في حلب السورية وفي أوكرانيا وفي القدس وشوارع بنغازي وفي كل بقعة من بقاع العالم، حتى فيما بين الكوريتين من تنافس خطر، فصياغة المعادلات الاقتصادية العالمية والأخذ بها نحو مضمار النمو يتطلب تحريك الجانب السياسي وتعديل مساره غالباً حتى لا تجنح محركات السياسة نحو السلبية المطلقة للعالم وتولد المزيد من الحنق والصراعات التي تعطل آلة الإنتاج وتعمم الكساد بين الدول جمعاء. فالحروب وحدها لا تنعش موارد الدول المصنعة وهذه نظرية اقتصادية تنبه لها رموز الرأسمالية، بل هو التوازن والعقلانية لتحقيق سلم عالمي واقتصاد متنامٍ. كانت آلة الإنتاج ترحب بسير المعارك في الحروب العالمية مستعرة بينما صحيفة " The New York Times " تنشر في عددها الصادر بتاريخ 4 فبراير 1943م تقريراً يبشر رواد وول ستريت في مانهاتن في نيويوك الأمريكية بأن قوة الحرب العالمية تفرخ 30 ألف وظيفة شهرياً في سوق العمل المحلي هناك. تلك هي الصياغة المشهورة في خيال العامة في كل مكان لتوافق الإنتاج مع آلة القتل. فهل يقلب قادة العشرين المعادلة في قمتهم أمس واليوم في بريسبن ليعدلوا مسار الاقتصاد العالمي وفق تفاهمات تضع السلاح جانباً وتفعل في العالم روح التوافق والإنسانية والتعاون بين الدول وتنمية المجتمعات الفقيرة وتأهيلها للمشاركة في الإنتاج وتنمية الموارد خاصة وهي تؤطر فكرتها حول المحور الاقتصادي منذ أن انطلقت هذه المجموعة "العشرين" من أوروبا لمواجهة الأزمة المالية في التسعينيات وشكل نجاحها طموحاً للتوسع بضم الاقتصادات الناشئة لتحقيق ذلك التفاعل والنمو وهو مؤشر طيب في تعزيز علاقات الدول والشعوب وفق محور البناء ولكن يجب أن تكون الصراحة والشفافية حاضرة أيضاً في تناول هموم الشعوب وقضاياهم، ليست المناخية فحسب، بل حتى ما يخبئه الضمير العالمي من تجاوزات ومن خطط لا تكتفي بمجرد مصادرة أو تقنين موارد العيش للمجتمعات، بل يتمادى الجنوح غالباً نحو صناعة الوحشية والتقاتل بين المجتمعات وتعزيز ذلك ودعمه فكرياً ومادياً. نتمنى لقمة العشرين النجاح، بيد أن نجاح الاقتصاد العالمي ونموه مرهون بالقضاء على التطرف وسلب الحقوق ووأد الكراهية والتمييز بين كل الناس، فتلك هي معادلات التوازن العالمي المطلوبة.