18 سبتمبر 2025

تسجيل

نحو عودة للإسلام الأول

16 نوفمبر 2013

سأل صاحبي: كيف نحقق العودة للإسلام الأول؟ أكاد ألامس تلك الحقيقة عندما أنقل عن المستشرق الغربي ارنستجلتز أن الجوهر الأصلي للإسلام أنه دين نصي أخروي يتميز بنزوع طهوري شديد.. وفي الأزمات السياسية أو الاجتماعية، وعندما تصل الأزمة إلى الثقافة، يعود النص للبروز، ويظهر علماء منشقون أو متشددون يتسلحون بالنص من أجل استعادة البراءة الأولى أو الطهورية. أي إن الإسلام من وجهة نظر "جلنر" يملك جوهرا ثابتا توالى عليه الدهور: فيتغير المظهر دون الجوهر، ومعنى ذلك أن الأصولية أصيلة فيه، وفي ظروف الأزمات تعود للظهور باعتبارها الجزء الأصيل من ماهيته. وهذا ما يحدث حالياً على أرض الواقع، فالمسلمون يتجهون فعلاً لهذا الفهم من جديد، ويؤكد البعض على هذه الحقيقة، فهم يعتبرون أن مؤشر العالم الإسلامي دخل في الزمن السلفي، وأن السلفية ستكون سيدة الزمن القادم، لقد صارت السلفية الدينامية الأقوى والأكثر اشتغالاً في عالمنا الإسلامي، وقدرة على التأثير فيه، وهي تتمدد في كل فراغ تنسحب منه الديناميات الأخرى. إن كل الطرق التي يسير فيها عالمنا الإسلامي تؤدي به إلى "السلفية" التراجع لم يعد رهنا بمشروعات الإصلاح العلمانية، إن صح التعبير فحسب؟ هذا ليس خاصا بالمشروعات العلمانية فحسب، بل ينطبق أكثر من المشروعات الإسلامية التي تصدرت الواجهة حينا من الدهر. إن الاتجاهات التي تحاول التوفيق بين الإسلام والعلمانية، لا تقدم مرونة تطبيقية بقدر ما تغير من طبيعة المشروع الإسلامي، حتى يتكيف مع النظام العلماني المفروض على الدول العربية والإسلامية، حتى يتم قبول وصولها للسلطة. فالعودة للجوهر الثابت والنظرة الأصيلة للإسلام مطلب تاريخي واقعي، فضلاً عن كونه مطلبا شرعياً؛ ففهم الإسلام على حقيقته يوجب الرجوع إلى نبعه الصافي من الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح في خير القرون، ومن اتبعهم بعد ذلك؛ لأنه في خضم تعدد الصور التي يريد كل طرف فيها أن يفهم الإسلام بتصوراته وبثقافته. فهذا إسلام أمريكي، وآخر بريطاني، وذاك فرنسي، بل نسمع عن إسلام معتدل، وإسلام متطرف، وإسلام صوفي وآخر شيعي. كل ذلك يلزم المسلمين بأن يعودوا إلى المعين النقي للإسلام، الذي يشمل ويغطي جميع مناحي الحياة من قواعد ومناهج تسير عليها، وحدود تقف عندها، والذي قدمه فهم السلف، بغض النظر عن تصرفات، وأفعال من يطلق عليهم الإعلام اليوم وصف "السلفيين"، فهؤلاء قد يحملون أجزاء من الفهم السلفي الشامل لذلك المنهج الصافي العظيم.