18 سبتمبر 2025
تسجيلالحديث الشريف: (ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا)، قاعدة أساسية لما يجب أن يكون عليه حال كبار السن أو المعاشيين في الدول العربية.. كل قوانين الضمان الاجتماعي العالمية تفرد قدراً كبيراً من الاهتمام بأوضاع هذه الفئة. في بعض دول أوروبا ثارت موجة عارمة من الغضب حين طُرحت زيادة السن المعاشية إلى (65) عاماً بين هذه الفئة؛ في حين أن السن المعاشية في البلاد العربية بعبع يخشاه ويحاذره المرء، ولو أن أمراً مثل ذلك قد طرح في البلاد العربية لهلّل له وكبّر المعاشيون ولطالبوا بالمزيد.. سن المعاش تعني في الدول العربية الإحالة إلى مربع الإهمال والنسيان ونكران الجميل فيتحول المعاشي إلى متسول يتسول الفتات المعاشي الذي لا يسد رمقاً بل يزيده رهقاً وشططاً.. يحكي لي معاشي في السودان أنه يجعل معاشه يتراكم عدة أشهر ليصرفه حتى يكون مجديا مع تكلفة أجرة الوصول إلى مكان الصرف؛ فثمن أجرة المواصلات تكاد تقضي على المعاش الشهري، إذا استثنينا الدول الخليجية من هذا الواقع نجد أنه سمة غالبة في الدول العربية التي تقع كلها تحت تصنيف دول العالم الثالث.. معظم مجموعات السياح الغربيين في أرجاء العالم هم من المعاشيين؛ وهذا مؤشر لحالة اليسر التي يتمتعون بها، فالسياحة أمر مكلف لا يقدر عليه إلا أصحاب الدخول المرتفعة بيد أنها ليست من ضرورات الحياة أو من أولوياتها، ولا يقدم عليها إلا من كان قد تمكن من تلبية كل الضروريات وبقي معه من المال الوفير لينفقه في السياحة.. (النعيم) الذي يخوض فيه كبار السن في الغرب يجعلهم يغضبون حين تنشأ محاولات للنيل من هذا (النعيم) وتقصير مدته؛ فهم بصدد محاولات (آثمة) للانتقاص من حقوق مكتسبة عبر تشريعات راسخة. المعاشيون في الخليج ربما كانوا أكثر (بحبوحة) من الغربيين لكن هذه (البحبوحة) أثارت قلق البعض من عدم القدرة على استدامتها مما يستدعي ضرورة إدخال إصلاحات على أنظمة الضمان الاجتماعي في الخليج حتى يتم التأسيس الجيّد لديمومتها للأجيال المستقبلية.. بالأمس خلص المشاركون في جلسة حول أنظمة التقاعد في دول مجلس التعاون الخليجي بالدوحة ضمن جلسات المنتدى العالمي للضمان الاجتماعي، إلى ضرورة إعادة النظر وشحذ التفكير.. المشاركون أشاروا إلى ما يطبع الأنظمة الخليجية من سخاء في قيمة المعاشات التقاعدية والحد الأدنى لسن التقاعد وغيرها من المزايا في ظل ما تواجهه اقتصاداتها من تحديات ديمغرافية واقتصادية، حيث انخفضت وتيرة النمو السكاني لدى الخليجيين وارتفع متوسط العمر، وكلها عوامل تمارس ضغوطا على صناديق التقاعد من خلال تفاقم المصروفات وتراجع الإيرادات.. في قطر يتجلى السخاء الخليجي، حيث يشترط فقط في قضاء 20 عاما من الخدمة وألا يقل عمر الموظف عن 45 عاما ليحصل على الحد الأقصى للمعاش وهو %100 من الراتب.. يقول تركي الخاطر مدير الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية في قطر: (إن عجز نظام التقاعد في قطر ارتفع إلى 17 مليار ريال (4.6 مليار دولار) عام 2010).. ليس هذا فحسب فإن عوامل أخرى تضغط على صناديق التقاعد في الخليج لتجعلها تتحمل إفرازات مشاكل لا علاقة لها بالسن التقاعدية، حيث أشار أحد المشاركين في المنتدى إلى أن الإحالة على التقاعد المبكر في الخليج تستعمل بطريقة تعسفية للتخلص من بعض الموظفين. في حين اعتبر الخاطر أن التقاعد المبكر مشكلة كبيرة، حيث تتم إحالة موظفين لا تتجاوز أعمارهم 45 عاماً على التقاعد بطريقة غير مناسبة. لكن المسؤول القطري أكد أن قطر استطاعت إيقاف هذا النوع من الإحالات على التقاعد، ووضع قيود لقرارات الإحالات التي يتيحها القانون. يشار إلى أن قطر أعلنت في سبتمبر الماضي زيادة الرواتب الأساسية والعلاوة الاجتماعية والمعاشات للموظفين والمتقاعدين القطريين من المدنيين والعسكريين، بنسبة %60 من الراتب الأساسي والعلاوة الاجتماعية، وزيادة رواتب العسكريين بنسبة 120% من الراتب الأساسي والعلاوة الاجتماعية للعسكريين من رتب الضباط، وبنسبة %50 من الراتب الأساسي والعلاوة الاجتماعية للعسكريين من الرتب الأخرى للعاملين في الجهات العسكرية. هناك في الصين جهود ونتائج مبهرة لنظام الضمان الاجتماعي، حيث توسّع نطاق تغطيته باستمرار، وازداد عدد المشتركين في التأمين الأساسي ضد الشيخوخة في المدن والبلدات والتأمين ضد البطالة والتأمين ضد الإصابات الطارئة في العمل وتأمين الإنجاب، ازديادا كبيرا، وخطى خطوات كبيرة ومهمة نحو تحقيق تغطية كاملة نظامية. آخر الإحصاءات تقول إن مجمل عدد المشتركين في التأمين الأساسي ضد الشيخوخة في المدن والبلدات بالصين بلغ (٩٢ر٢٨٣) مليون نسمة، منهم (٧٤ر٢١٥) مليون من العمال والموظفين، و(١٩ر٦٨) مليون من المتقاعدين. في حين بلغ عدد المشتركين في التأمين الاجتماعي الريفي ضد الشيخوخة (٣٥٨) مليون نسمة، وحصل (٨ر٩٨) مليون نسمة على معاش التقاعد، وبذلك توسع نطاق التغطية إلى ما فوق (٦٠%).. في عام واحد، تم تقديم معونات لـ(٧) ملايين و(١١٤) ألف نسمة من المواطنين في المدن و(١٥) مليونا و(٥٨١) ألف نسمة في الأرياف.. في ذات العام زادت الصين رفع مستوى المعونة بضمان الحد الأدنى من المعيشة في المدن والأرياف، ومعيار المعونات وعلاوات المعيشة لبعض المتمتعين بها، وتم منح، لمرة واحدة، علاوة معيشة للمتمتعين بضمان الحد الأدنى من المعيشة في المدن والأرياف، والمتمتعين بالضمانات الحكومية الخمسة في الأرياف، مجمل عددهم (٨٦) مليون نسمة وأكثر.