21 سبتمبر 2025

تسجيل

استقالة رئيس وزراء إيطاليا تساهم في تهدئة الأسواق

16 نوفمبر 2011

تسببت أزمة الديون السيادية الأوروبية في إسقاط عشر حكومات أوروبية حتى الآن، كان آخرها إعلان رئيس الوزراء الإيطالي برلسكوني الاستقالة. وذلك بعد استقالة زعماء اليونان والبرتغال وأيرلندا وبريطانيا والمجر والدانمرك وسلوفاكيا وسولوفينيا وإسبانيا. وكانت أمريكا وصندوق النقد الدولي وألمانيا وغيرها من دول بمنطقة اليورو، قد طالبت إيطاليا بالإسراع في الوضوح السياسي إلى جانب تنفيذ خطة تقشف، وهو ما حدث بالفعل من خلال قيام البرلمان الإيطالي بإقرار مجموعة من الإجراءات الاقتصادية، طالب بها الاتحاد الأوربي لتعزيز النمو من خلال بيع ممتلكات عامة، وتعديل نظام التقاعد وعمليات تخصيص وتسهيل الإجراءات الإدارية وتنشيط التوظيف. وقد حاول برلسكوني الدعوة لانتخابات مبكرة، إلا أن عدم حصوله على أغلبية برلمانية قد أجبره على الاستقالة ليعطي فرصة لقيادة اقتصادية جديدة تعطي رسالة تهدئة للأسواق. بعد أن كانت معدلات الفائدة على السندات الإيطالية لمدة عشر سنوات قد تجاوزت نسبة السبعة بالمائة، وهو ما يعني دفعها إلى الاقتراض من أسواق دولية أو من خلال آلية الاستقرار الأوروبية وصندوق النقد الدولي مثلما فعلت اليونان، لتساهم الاستقالة في تراجع معدلات الفائدة على السندات الإيطالية عن مستوياتها القياسية. وكذلك نفقات التأمين على الديون الإيطالية. وتراجع الآثار السلبية التي خلفتها أزمة إيطاليا على سعر صرف اليورو تجاه الدولار الأمريكي، وعلى اتجاهات الأسعار في البورصات الأوروبية. وتتمثل مشكلة إيطاليا في كونها الدولة الرابعة عالميا من حيث قيمة الديون بعد الولايات المتحدة واليابان وألمانيا، مع بلوغ قيمة ديونها 6ر2 تريليون دولار وهو ما يمثل نسبة 120 % من الناتج المحلي بها. وتبدو خطورة موقف الديون الإيطالية من كونها تمثل النسبة الأعلى إلى الناتج، بالمقارنة لنسب أقل لدى كل من أمريكا واليابان وألمانيا، كما أنه من حيث القيمة فإن قيمة ديون إيطاليا تتجاوز قيمة ديون كل من اليونان وإسبانيا والبرتغال وأيرلندا مجتمعة. وتبدو خطورة ديون إيطاليا أيضا من خلال وجود مستحقات لبنوك ألمانية وفرنسية ضمن تلك الديون مما يعرض تلك البنوك للخطر، حيث بلغت مستحقات المؤسسات المالية الفرنسية 416 مليار يورو من الديون الإيطالية، منها 107 مليارات للسندات السيادية الإيطالية، خاصة أن أزمة الديون السيادية الأوروبية قد قللت من الإقراض المصرفي لدى البنوك الأوروبية. وخلال العام الماضي احتلت إيطاليا المركز الثامن بين اقتصادات العالم، من حيث قيمة الناتج المحلي الإجمالي بنحو 05ر2 تريليون دولار، وهو ما يمثل نسبة 3.3 % من الناتج المحلي الدولي. كما أنها تحتل المركز الثالث بين الاقتصادات الأوروبية بعد ألمانيا وفرنسا. كما بلغ عدد سكانها 61 مليون نسمة، لتجيء بالمركز الثالث والعشرين دوليا من حيث عدد السكان، رغم بلوغ مساحتها 301 ألف كيلو متر مربع لتجيء بالمركز الواحد والسبعين دوليا من حيث المساحة. وخلال العام الماضي بلغ معدل نمو الناتج الإيطالي 3ر1 %، وتوقع صندوق النقد الدولي بلوغ معدل النمو الإيطالي خلال العام الحالي 1ر1 %، وخلال العام القادم 3ر1 %. وفي العام الماضي بلغت قيمة الصادرات السلعية الإيطالية 448 مليار دولار، لتحتل المركز الثامن عالميا من حيث قيمة الصادرات، وهو نفس الترتيب الذي تشغله في قائمة التجارة السلعية الدولية. وخلال العام الماضي بلغ معدل استهلاكها اليومي من النفط مليون و532 ألف برميل، لتحتل المركز الخامس عشر دوليا. كما أنها تمتلك طاقة تكرير بلغت 2 مليون و396 ألف برميل يومي. في حين بلغ إنتاجها اليومي 147 ألف برميل، لتصل نسبة الاكتفاء الذاتي بها أقل من 10 %. ونظرا لاعتمادها على البترول بنسبة 43 % من موارد الطاقة بها، فإنها تستورد كميات ضخمة منه تساهم الدول العربية بنصيب كبير منه. كما يتأثر ميزانها التجاري بتغير أسعاره. ولهذا ترتبط مع ليبيا بعلاقة وطيدة حيث تعمل شركات بترول إيطالية بها. وخلال العام الماضي بلغت واردات الغاز الطبيعي الإيطالية 3ر75 مليار متر مكعب، لتحتل المركز الرابع في واردات الغاز الطبيعي الدولية بعد أمريكا واليابان وألمانيا، مع بلوغ استهلاكها السنوي 1ر76 مليار متر مكعب من الغاز، وبما يشير إلى ضعف إنتاجها المحلي من الغاز الطبيعي. ويظل السؤال هل ينجح رئيس الوزراء الإيطالي الجديد في إبعاد شبح الأزمة عن إيطاليا؟ ومما يدعو للتفاؤل ما ذكره الرئيس الأمريكي أن أزمة إيطاليا مختلفة عن مشكلة اليونان. وأنها مشكلة سيولة كما أنها بلد كبير وغني وفيها أصحاب ثروات كبيرة.