15 سبتمبر 2025

تسجيل

طوفان التضليل مقابل طوفان الأقصى

16 أكتوبر 2023

بمجرد الانتباه من الصدمة المهولة التي أحدثها قيام مقاتلين من قطاع محاصر منذ 16 عاما بإذلال هيبة الجيش الذي طالما وصف نفسه بأنه لا يقهر وألحق به وبمؤسساته الأمنية والعسكرية والعملياتية عارا لايمحى. بدأت ماكينة الكذب والتضليل الصهيونية القوية والممتدة عبر شبكات دولية واسعة بضخ الصور المفبركة والدعايات المسمومة بهدف تشويه صورة المقاومة الفلسطينية وانتزاع صورة داعشية لها من أجل توفير غطاء للانقضاض على السكان المدنيين العزل في قطاع غزة وارتكاب أبشع الجرائم في سياق انتقامي تم توفير الغطاء له من خلال التضليل. لقد شارك في هذه العملية مئات آلاف الصحفيين والكتاب والمراسلين وخبراء الذكاء الاصطناعي والجواسيس وكثير من الأدوات الأخرى من أجل تشويه صورة النصر العسكري التي حققتها المقاومة الفلسطينية ووصمها بالإرهاب وقتل الأطفال والنساء والمدنيين وقد حققت الحملة نجاحا في الأيام الأولى مع تبني الإعلام الغربي لها وللأسف قد انطلت هذه الخدع التضليلية على كثيرين في العالم الإسلامي. لقد تم حبك كل الحيل بشكل سريع وممنهج وبما يناسب كل دولة وتم الضخ بشكل مكثف بالرغم من أن المقاومة بثت الكثير من المقاطع والصور التي تظهر التعامل الأخلاقي لمقاتليها مع النساء والأطفال وبالرغم من شهادات حية لنساء اسرائيليات تم التعامل معهن بشكل إنساني راقي. في هذه الساعات وبعد قرابة أسبوع من بدء المجازر والحرب على غزة التي طالت آلاف المباني وقتلت أكثر من 2500 شهيد حتى اللحظة معظمهم من النساء والأطفال وانكشاف الكذب والخداع الصهيوني الذي قام بتحويل صورة لكلب في مصحة علاجية عبر الذكاء الاصطناعي إلى جثة طفل متفحم لا يزال الإعلام الغربي يتبنى الرواية الصهيونية. لا عجب في ذلك فالعالم الغربي والمشروع الصهيوني هما وجهان لعملة واحدة لقد قامت الولايات المتحدة على سحق السكان الأصليين وأنشأت دولتها على جماجمهم وألقت بالقنبلة النووية على اليابان وقتلت الملايين في العراق، كما فعلت فرنسا في الجزائر وبريطانيا في الهند وجنوب أفريقيا وغيرها. لقد صمموا مشهد طوفان من الكذب حيث قال نتنياهو: «رأينا فتياناً وفتيات مقيدين، وقد أصيبوا برصاصة في الرأس. وحرق الرجال والنساء أحياء. الشابات اللاتي اغتصبن وذبحن». نشروا أن 40 طفلا قد قطعت رؤوسهم، وأن نساء قد تم اغتصابهن، وقد ساعد الرئيس الأمريكي في الترويج لهذا المشهد حيث قال الرئيس الأمريكي جو بايدن: «لقد اطلعت على تقارير تصيب بالغثيان، حول رضّع جرى قتلهم، ونساء جرى اغتصابهن والاعتداء عليهن والاستعراض بهن كأنهن غنائم، وعائلات بأكملها جرى قتلها». وقال أنه تأكد من ذلك برؤية صور تثبت ذلك وهو الأمر الذي لم يثبت صحته بعد ذلك لكن الاحتلال الاسرائيلي أمّن من خلال طوفان الكذب دعما مفتوحا من العالم الغربي ليمارس جرائمه ومذابحه في غزة. تراجع البيت الأبيض عن هذا التضليل لكن بعد أن فات الأوان وقاموا بشيطنة المقاومة وتأمين شيك مفتوح لنتنياهو للبدء في مجازر بحق المدنيين والنساء والأطفال في غزة، وفي هذا السياق قال متحدث باسم البيت الأبيض، إن تعليقات الرئيس استندت إلى تقارير إخبارية وادعاءات من قبل الحكومة الإسرائيلية، مضيفاً أن «المسؤولين الأمريكيين والرئيس لم يروا الصور أو يؤكدوا مثل هذه التقارير بشكل مستقل». لقد نشر هذه الشيطنة رؤساء دول مثل بايدن وسياسيون ومراسلون إعلاميون. 40 طفلا تم قطع رؤوسهم. انظر إلى الرقم. لا يوجد أي صورة أو إثبات. كله كذب. لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد كانت المانشيتات والعناوين كلها تخدم الموقف الصهيوني في بي بي سي وفي سي إن إن وغيرها لقد ربطوا الأمر بإيران تارة وبداعش تارة أخرى بينما لم يروا صورة واحدة ولم يمتلكوا دليلا واحدا فيها تقصف الطائرات الصهيونية أطفال ونساء غزة على البث المباشر. في مسيرات العودة المدنية الخالصة التي لا غبار عليها في 2018 قتلوا المدنيين وهم يضحكون من على بعد مئات الأمتار ثم كتبت الصحف الغربية أن 15 فلسطينيا قتلوا في مواجهات عند السياج الفاصل مع غزة. وقبل أيام نشرت نيويورك تايمز شكلا يوضح أعداد الضحايا خلال الاعتداءات السابق بشكل مقارن ولم تتحدث في العنوان البارز إلى عن القتلي من الاحتلال. إن الوعي بهذا التضليل حتى لو جاء متأخرا بضعة أيام مهم جدا والهجمة المرتدة عليه وفضحه مهم لا يقل أهمية عن أي عمل ميداني آخر. لا زال الاحتلال يسبقنا في معركة الرواية. المعركة لم تنته ولابد من بذل الوسع لمنع انتصاره فيها أمام هزيمته في كل شيء في الأخلاق والأمن والعسكرية.