الفنّان عبدالعزيز جاسم في ذاكرة الدراما الخليجيّة

عرفت الفنان القطري القدير عبدالعزيز جاسم الجاسم (1957 - 2018) عن كثب كشخصية محبوبة في الوسط الاجتماعي .. لها أحلامها وتطلعاتها .. تعشق فنها .. وتحب وطنها حتى النخاع .. وتتغنى بأمجاده وإنجازاته .. حيث لم يكن الفقيد شخصية عادية بل كان شخصية خليجية استثنائية .. كما كان طموحا دائما إلى تقديم أفضل الأعمال الدرامية الجادة لخدمة المجتمع القطري بشكل خاص، والعربي بشكل عام . ◄ ورحيل عبدالعزيز جاسم ليس خسارة للدراما القطرية بل إن غيابه سيترك ثغرة كبيرة لن يحل محلها أي شخص بنفس مستواه .. فبعد رحيل الفنان الكويتي الكبير عبدالحسين عبدالرضا يغيب عنا اليوم صديقه الذي عاش معه لفترة من الزمن والتقى معه في بعض الأعمال التلفزيونية الخليجية الناجحة مثل « مسلسل التنديل « سنة 2008 م .. ذلك العمل الدرامي الناجح الذي اكتسح الأعمال الجادة والأصيلة لحياة أهل الخليج مع ظهور النفط وتبدل الحياة الاجتماعية إلى حياة مختلفة عن الماضي . ◄ اعتزازه بوطنه وقت المحن عرف عن الفنان الراحل أنه من الشخصيات القطرية التي أخلصت لوطنها .. وقدم – رحمه الله - أحد الأعمال المسرحية المميزة عن حصار قطر برفقة بعض زملاء دربه الفني مثل الفنان سعد بخيت وغيره .. كما كان في فترة الحصار ينشر بعض تسجيلاته المرئية التي يرد فيها على كل من ينتقد قطر حكومة وشعبا .. فذاد عن وطنه بكل بسالة وشجاعة .. وهذه هي الرسالة الحقيقية للفن التي تحلى بها عبدالعزيز جاسم خلال مشوار حياته الفنية . ◄ غانم السليطي يبكي عبدالعزيز ومع الفنان القطري القدير « غانم السليطي « كان مشوار البداية لعبدالعزيز جاسم في تلفزيون قطر بعض الأعمال المعروفة .. وبعدها ظهرا على المسرح القطري .. فشكلا مشهدا دراميا جميلا منذ ثمانينيات القرن الماضي رغم أنه بدأ معه على المسرح سنة 1979 م .. ورغم ابتعادهما عن التمثيل معا مؤخرا إلا أن الرسالة التي قدماها للدراما التلفزيونية كانت شاهدة على العصر الذهبي لهما .. وهي حقبة لا يمكن نسيانها أبدا .. رغم أن عبدالعزيز بدأ مع مسرح السد القطري لأول مرة سنة 1977 م .. كما قدم العديد من المسلسلات الإذاعية الاجتماعية الناجحة ( منها مسلسل : تجار المخشر ) .. وشارك كذلك في أوبريت (كلنا الكويت) الذي قدمه تضامنا مع رفض غزو الكويت سنة 1990 م .. وكان آخر أعماله تقديم بعض البرامج الجماهيرية بتلفزيون قطر ولاقى نجاحا واسعا .. وفور إعلان نبأ رحيل عبدالعزيز جاسم تحدث الفنان غانم السليطي عن ذكرياته معه ولم يتمالك نفسه من البكاء عليه فذرف الدموع لفراقه وأبدى حزنه الشديد عليه . ◄ مدرسة تسير على نهجها الأجيال يقول عنه الإعلامي عبدالعزيز محمد: عبدالعزيز جاسم الفنان والأخ والصديق والزميل والمبدع والقريب من كل من عرفه .. رحل ليطفئ مع رحيله أنوار الساحة معلنا إسدال الستار على آخر ما تبقى من روائع الزمن الجميل .. رحل تاركاً خلفه الساحة الفنية فارغة من صوته ووجهه الحبيب .. تاركاً خلفه خشبة المسرح صامتة خالية من خطواته، عبدالعزيز جاسم .. رحل ومضى مطمئنا أنه لم يترك خلف الستار قلباً لم يعرفه ولم يعانق إطلالته الجميلة في كل عمل .. وأكثر ما يؤلمنا بعد هذا الفقد خلو الساحة من حضوره .. من كلماته .. من ضحكاته .. من تواجده الدائم .. بجانب الكبير والصغير معا .. فهو المعلم والأستاذ الذي أسس لمدرسة فنية تسير على نهجها الأجيال .. هكذا أغلقت قلوبنا أبوابها وأطفأت أنوارها حدادا على رحيله ورحيل تفاصيل تقاسمناها معه ذات يوم هكذا بكى المسرح فراقه وكأنه لم يكن عامرا بصوته ذات يوم .. وبكت الجدران التي شهدت حضوره في كل عمل في كل موقف وفي كل إنجاز .. رحل ( بو سعود ) صاحب الإطلالة الأجمل والعطاء الأجمل والروح الأنقى .. نم بسلام أيها العزيز وعلى روحك منا السلام . ◄ ذكرياتي مع الفقيد من الذكريات الجميلة التي لا أنساها في رحلتي مع الفنان عبدالعزيز جاسم تلك اللقاءات اليومية الجميلة التي كانت تجمعني معه في مبنى وزارة الثقافة الرئيسي أو مبنى إدارة الثقافة والفنون في فريق ابن عمران .. والذي كان يتم بشكل أسبوعي أو شبه يومي أحيانا خلال السنوات الماضية .. حيث كنا نناقش فيها باستمرار هموم الفنانين والمثقفين وكيفية الارتقاء برسالة الفن وتوعية المجتمع .. وذلك بحضور نخبة من الفنانين والخبراء .. من أمثال : موسى زينل وسالم ماجد وهدية سعيد وسعد بو رشيد وحمد الرميحي وعبدالله غيفان وزهير عزال وفالح فايز وفالح العجلان وجاسم صفر وسنان المسلماني وحسن رشيد .. وغيرهم كثير .. كما لم أتجاهل التواصل معه أيام العلاج في الخارج حيث كانت معنوياته عالية بسبب إيمانه وثقته بربه أولا وهمته العالية في تقبل قضاء الله وقدره .. وحاولت ولم أفلح في أواخر أيامه التواصل معه أثناء علاجه في تايلاند بالتنسيق مع الفنان سعد بورشيد والفنان سعد بخيت .. عليه رحمة الله . كلمة أخيرة وكان للفنان الراحل عبدالعزيز جاسم لفتة إنسانية لا تنسى في تكريمه لنخبة من الوجوه الإعلامية القطرية البارزة التي كسرت حصار قطر ودافعت عن الوطن بكافة الوسائل .. وتشرفت - شخصيا - بأن أكون أحد المكرمين على خشبة مسرح قطر الوطني على هامش مسرحية « ديرة العز « بتاريخ نوفمبر 2017 م .. كما تم أيضا تكريم : عبدالله العذبة وجابر الحرمي وجابر المري وصادق العماري وماجد الخليفي ومحمد حمد المري وعبدالله طالب المري وغيرهم .. رحم الله الفقيد الراحل وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان. [email protected]