13 سبتمبر 2025

تسجيل

مؤسسات وجمعيات النفع العام.. ماذا قدمت للمجتمع؟

16 أكتوبر 2012

خلال السنوات العشر الماضية شهدت قطر ولادة العديد من المراكز والمؤسسات ذات النفع.العام، وهو مؤشر ايجابي، يدفع بتفعيل مكونات المجتمع بصورة اكثر، ويخلق مزيدا من التوعية بالادوار التي يفترض على مؤسسات المجتمع والافراد القيام بها.لست هنا بصدد ذكر هذه الجهات، او تسمية الجهات التي تتبع اليها، فالامر ليس استهدافا لجهة ما، بقدر ما هو وقفة تقييمية لاداء هذه الجهات بمختلف توجهاتها ومهامها والأدوار التي تقوم بها.لا خلاف على اهمية وجود هذه المراكز والمؤسسات والجمعيات ذات النفع العام في المجتمع، فهي تلعب ادوارا ايجابية خاصة اذا تم استثمارها بصورة مثلى.. والسؤال: هل هي مستثمرة بصورة مثلى تحقق الاهداف التي من اجلها انشئت هذه الجهات؟ وهل هي اليوم تؤدي الادوار المنوطة بها بصورة كاملة؟ وهل تحقق التكامل مع مؤسسات اخرى قائمة ام ان هناك تضاربا في الادوار بينها؟ وهل المجتمع يعرف عن هذه الجهات، ولديه وعي بما تقوم بها من برامج وانشطة؟ وماذا عن مجالس الادارات.. هل هي مفعلة ام مجرد شكل تفرضه متطلبات ايجاد هذه المراكز والمؤسسات..؟...هناك تساؤلات كثيرة حيال الادوار التي تلعبها هذه المراكز والمؤسسات ذات النفع العام، فدون التقليل من هذه الجهات، فإن الواقع يقول ان ادوارها جدا محدودة بالنسبة للغالبية من هذه الجهات، التي تتلقى سنويا موازنات ليست بالهينة او القليلة، وهو ما يطرح تساؤلا عن كيفية وآلية صرف هذه الموازنات، والمردود من البرامج التي تنفذ وتصرف عليها مبالغ مالية دون الوقوف على مدى نجاحها او تقييمها بعد ذلك.نعم هناك جهد مبذول من قبل بعض مجالس ادارات هذه المراكز والمؤسسات والجمعيات ذات النفع العام، وهناك محاولات لتطوير الاداء في البعض من هذه الجهات، ولكن السؤال: اين باقي المراكز والجمعيات التي باتت تمثل واجهات "شكلية" دون فاعلية حقيقية في المجتمع؟ اين هي مجالس الادارات في رسم الاستراتيجيات والخطط ومتابعتها على ارض الواقع، وتقييم الاداء الفعلي لما ينفذ؟.دعونا من "المجاملات"، هناك اعضاء مجالس ادارات همهم الاول هو الحضور الاجتماعي، ويعتبرون عضوية هذه المجالس فرصة لتقديم انفسهم في المناسبات العامة، دون ان يكون لهم دور حقيقي في تطور المراكز والمؤسسات التي ينتسبون اليها، ويظلون متمسكين بعضوية هذه الجهات دون التخلي عنها طواعية، اللهم الا في حال استبدال الاعضاء عند اعادة التشكيل، واحيانا يظلون كذلك عبر "علاقات" شخصية تجعلهم باقين في مناصبهم دون تغيير.هناك مؤسسات ذات نفع عام "نائمة" بالكاد تصحو كل عدة اشهر عبر برنامج او نشاط او فعالية هدفها بروز "اعلامي" للقول نحن موجودون، لكن اذا ما عمل تقييم ميداني حقيقي لن تجد للكثير من هذه الجهات الحضور الفاعل والنافع للمجتمع، بل ان الكثير من هذه الجهات لا احد يعرف بالضبط ما هي الادوار التي تقوم بها، وكيف تتواصل مع المجتمع...اجزم لو طرح استبيان في المجتمع بصورة جدية وذات مصداقية عما اذا كان افراد المجتمع لديهم المام بالادوار التي تقوم بها هذه المراكز والمؤسسات والجمعيات، لما عرف غالبية افراد المجتمع هذه الادوار، بل لما عرفوا اصلا بوجود هذه المراكز والمؤسسات والجمعيات، وهذه حقيقة، وليست انتقاصا من دور هذه الجهات، فالغالبية من هذه المؤسسات وجودها "شكلي"، ومجالس اداراتها قلما يعرفون ما يدور فيها، والتواصل بينها وبين المجتمع يكاد يكون "موسمي".اكرر مرة اخرى، وجود هذه المؤسسات ذات النفع العام في المجتمع ضروري، ولكن يجب ان يكون التواجد الفعلي والفاعل، وليس مجرد "هياكل" عظمية قائمة، دون تأثير في المجتمع وفي الرأي العام.ولا اريد فقط ان القي بالقصور على مجالس ادارات هذه المؤسسات والجمعيات والمراكز، او العاملين فيها، بل ان الجهات التي تشرف عليها ايضا مسؤولة، فلا ينبغي ان تكون هذه المؤسسات تتبع جهات، وتتلقى منها الدعم، دون ان تقدم الجهات المشرفة على المتابعة الحقيقية، والمحاسبة الجادة، والتقييم الفاعل، للادوار التي تقوم بها هذه المؤسسات، والبرامج التي تنفذها، وتأثيرها في المجتمع، وما إذا كان المجتمع اصلا بحاجة الى هذه البرامج والفعاليات.ليس بالضرورة كل ما نشاهده بالخارج من برامج تقوم بها جهات مشابهة هو مطلوب عندنا في قطر، او يمكن ان يكون ناجحا ومؤثرا، فليس كل ما يكون ناجحا بالخارج يكون ناجحا في مجتمعنا.ثم ان الآليات التي تنفذ بها هذه البرامج، هل هي متوافقة مع المجتمع، فقد تكون الافكار جيدة على الورق، ولكن حين التطبيق يختلف الوضع، وبالتالي تفشل في الوصول الى الجماهير المستهدفة.والمشكلة الاكبر ان هناك من المؤسسات والمراكز ما لا تعرف الجمهور المستهدف من برامجها، فهي عندها كل شرائح المجتمع سيان، وبالتالي ما تقدمه من برامج يوجه للعموم، وفي هذه الحالة تخسر الجميع، كون رسائلها غير مركزة للشرائح المعنية في المجتمع.نريد تفعيلا اكبر لهذه المراكز والمؤسسات ذات النفع العام، لا نريد فقط مباني مميزة تعتليها لوحات تحمل اسماء هذه الجهات، ويصرف عليها الملايين في الايجارات والرواتب والامور الادارية، اضافة الى الموازنات التي تخصص لها، دون ان يكون الحضور بالقدر المطلوب منها، وبالقدر المأمول منها في خدمة المجتمع وقضاياه المختلفة حسب كل جهة.نريد انتاجية واضحة من هذه الجهات، بعيدا عن الاضواء الاعلامية، انتاجية تثري المجتمع، وتخلق وعيا، وتدفع نحو حراك ايجابي، وتعزز شراكات بين هذه الجهات ومؤسسات المجتمع المختلفة،....نأمل ان نرى تطورا في اداء مؤسسات وجمعيات ومراكز النفع العام، وان تستفيد من السنوات التي مرت عليها، وتنفض "الغبار" الذي تراكم على العديد من هذه الجهات، وتخلع ثوب "الترهل" الذي اعتلى العديد منها طوال مسيرتها.