20 سبتمبر 2025
تسجيلاليوم تعقد جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً لوزراء الخارجية العرب لبحث الأوضاع في سورية الشقيقة للخروج من حالة الانسداد التي تعيشها الآن بعد سقوط آلاف القتلى من مدنيين وعسكريين. هذا الاجتماع، ورغم تأخره طويلاً، يؤكد أن في البيت العربي بعض المخلصين لأمتهم العربية وبعض القيادات العربية التي أدركت بحسها القومي العربي أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يخططون لمصالحهم التي تتمثل في تقسيم المقسم وتفتيت المفتت في الوطن العربي وأن يبقى العدو الصهيوني القوة الوحيدة العسكرية والاقتصادية في الشرق الأوسط الكبير، الذي يرسمون خريطته الآن والذي بدأ في غزو واحتلال العراق ويمر الآن في محاولات "تغريب" الثورات العربية بعد أن نجحت هذه الثورات في القضاء على أركان ودعامات النظام العربي في مصر وتونس على أمل أن تنجح في ليبيا واليمن وسورية، ففي ليبيا لا تزال الثورة "ضبابية" لأن دكتاتورية القذافي وغباءه وغطرسته وعظمته الجنونية فتحت الباب أمام الغرب للتدخل بقوات حلف الناتو وهذا التدخل العسكري الغربي نسج صورة قاتمة وغير معروفة للمستقبل الليبي، آملين أن ينتصر التيار القومي العربي على غيره من التيارات الأخرى ويظهر الوجه العروبي للشقيقة ليبيا، أما في اليمن فالثورة ناصعة العروبة وواضحة في خطها القومي العربي الممثل في أحزاب اللقاء المشترك وشباب الثورة ولأنها كذلك نجد الغرب داعماً ومسانداً للرئيس علي عبدالله صالح في الأفعال، بينما نجد بعض الأقوال تؤيد هذه الثورة رغم أن الثورة اليمنية أعطت أفضل الدروس في سلميتها ونقائها من العنف وهذه الأقوال المؤيدة للثورة من الغرب ما هي إلا ذر الرماد في العيون لكي لا يقال أن الغرب لا يؤيد المطالب الديمقراطية. أما في الشقيقة سورية والذي يعكف وزراء الخارجية العرب اليوم على مساعدة هذا القُطر العربي وشعبه في مطالبه الإصلاحية المشروعة، فإن مثل هذه المعالجة تحتاج حكمة وحرصاً ومسؤولية لأن سورية دولة عربية محورية والمطلوب هو تحقيق مطالب الشعب السوري الذي قدم حتى الآن آلاف الشهداء في سبيلها وهذه المطالب المشروعة يجب أن يفكر الوزراء العرب في امكانية تحقيقها فوراً وأن يذكروا الرئيس السوري بشار الأسد بأنه شخصياً أقر وساند ودعم هذه المطالب الشعبية في الحرية والديمقراطية والقضاء على الفساد وضرورة تداول السلطة وأن يأخذوا بيده لمثل هذه الإصلاحات الفورية عملاً بالمثل القائل "الحق العيار إلى باب الدار" وأن يذكروه أيضاً أن الغرب يستهدف سورية والوطن العربي وأن الفيتو الروسي أو الصيني لن يجدي مستقبلاً لأن هذه الدول تبحث عن مصالحها وهذه المصالح متحركة كالرمال المتحركة. ولا بأس أيضاً أن يتذكر الأسد دكتاتورية القذافي وكيف فسحت المجال للغرب بالتدخل وتدمير ليبيا وعزله ومطاردته وهذا التذكير ليس تهديداً وإنما في مجال النصح والمساعدة وأعتقد أن الأسد يدرك ذلك جيداً ويعلم أيضاً أن الغرب يحاول الاصطياد في المياه العكرة.. ولهذا لابد من تنقية المياه السورية فوراً والعمل على تحقيق مطالب الشعب السوري فوراً قبل أن يتذرع أعداء سورية وأعداء الأمة العربية ويتاجروا بدماء الشعب السوري لتدمير سورية أرضاً وشعباً. إننا نأمل من اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم أن يتفقوا على خطة عاجلة لإنقاذ سورية من نظامها الرسمي ومن أعدائها وأعداء الأمة العربية وإنقاذها من نظامها الرسمي يستدعي مساعدته والأخذ بيده لإجراء الإصلاحات وتحقيق مطالب الشعب فوراً وبدون تأخير وبدون قطرة دم إضافية أخرى وأن يتضمن ذلك تحديد مدة زمنية قصيرة جداً للقيام بهذه الإصلاحات، لأنها وكما قال الأسد نفسه كانت جاهزة ومعدة للتطبيق منذ عام 2005م، والمعارضة السورية الوطنية والقوى الشعبية الثورة السورية ستكون داعمة ومؤيدة لتحقيق هذه المطالب وقد أكدت مراراً وتكراراً على ضرورة الإسراع في تطبيق هذه المطالب والإصلاحات، خاصة المعارضة التي تعيش بالداخل، أما تلك المعارضة التي تعيش في الخارج فهي خليط من الوطني والتابع للأجنبي ولا يمكن المراهنة عليها بمجملها فقد سمعنا بعض الأصوات من تلك المعارضة في الخارج وهي تطالب بضرورة التدخل العسكري ضد سورية وكأن عيونهم أصابها العمى ولم يروا ما حدث للعراق والدمار الذي حل في ليبيا. إن نجاح وزراء الخارجية العرب اليوم في معالجة الوضع بسورية ضمن البيت العربي ضرورة ملحة للأمن القومي العربي لأنها ستضع الأسس السليمة والصحيحة للحفاظ على أركان البيت العربي وتحميه من محاولات الغرب في التقسيم والتفتيت وهو بذلك يغلق الباب أمام مخططات هذا الغرب في "تغريب" الثورات العربية ويحافظ على "تعريب" هذه الثورات.