11 سبتمبر 2025

تسجيل

ماذا يحدث جنوبي تركيا؟

16 سبتمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تشهد الولايات الواقعة على الحدود مع سوريا والعراق، أي شرقي وجنوب شرقي تركيا، منذ نحو شهر حتى الآن، وقوع عمليات إرهابية مكثفة. ومنذ إعلان منظمة "بي كا كا" الإرهابية إنهاءها لوقف إطلاق النار في 11 يوليو 2015، وعودتها مجددًا لتنفيذ عمليات إرهابية مسلحة، قتل عدد كبير من المواطنين بمن في ذلك عناصر في قوات الأمن.وفي خضم هذه الأحداث، أجرى جناح الاتصالات التابع لمنظمة "بي كا كا" أنشطة دعائية واسعة النطاق، داخل تركيا وخارجها، ونظم حملات كبيرة لتوجيه الرأي العام. وهنا، يمكن تلخيص الأحداث الأخيرة التي شهدتها تركيا تحت العناوين التالية:1- هل الحكومة هي الجهة التي أنهت عملية السلام الداخلي؟اتخذت الحكومة التركية خلال فترة عملية السلام الداخلي التي استمرت لمدة عامين، خطوات جادّة وتاريخية، من أجل ضمان حقوق المواطنين الذين ينتمون للإثنية الكردية، وإزالة المشاكل الاجتماعية المتعلقة بهم، وطبقت مجموعة من الإصلاحات، أبرزها رفع القيود التي كانت مفروضة على اللغة الكردية، وإنشاء وسائل إعلام باللغة الكردية، وافتتاح أقسام في الجامعات تدرس بالكردية، وقد تواصلت سلسلة الإصلاحات حتى شملت الاعتراف باللغة الكردية في المؤسسات القضائية وقبول الترافع والدفاع بها في المحاكم التركية، وفي المقابل طلب من منظمة "بي كا كا" ترك السلاح وسحب مقاتليها إلى خارج البلاد. رفضت منظمة "بي كا كا" تلك المطالبات، وعملت خلال تلك الفترة على تكديس الأسلحة والمواد المتفجرة في مخابئها، وتفخيخ الطرقات من أجل تفجيرها لاحقًا. وفي نهاية المطاف، طالبت الحكومة التركية المنظمة بإلقاء السلاح واتخاذ الخطوات اللازمة، فجاء رد المنظمة عبر التلويح باستخدام السلاح، وتنفيذ ذلك بشكل فعلي عقب الانتخابات العامة التي جرت في 7 يونيو الماضي. أعلنت منظمة "بي كا كا" من خلال بيان مكتوب نشرته بعد 4 أيام فقط من انتهاء الانتخابات العامة - أي في 11 يونيو الماضي – عن إنهائها لاتفاق وقف إطلاق النار مع الحكومة التركية. واعتبرت المنظمة أن المشاريع التي قامت بها الحكومة التركية في المناطق الشرقية مثل المطارات والطرق السريعة تشكل تهديدًا عليها، وصنفتها ضمن قائمة الأهداف.تسلل مسلحون من المنظمة الإرهابية في 22 يوليو الماضي، إلى منزل اثنين من رجال الشرطة، وقلوهما عندما كانا نائمين في منزلهما بولاية "شانلي أورفة"، وبلغ عدد عناصر الأمن الذين قتلوا من قبل المنظمة حتى 10 سبتمبر الجاري، 115 رجل أمن، كما لقي 25 مواطنًا مدنيًا مصرعهم على يد مسلحي المنظمة، وفي المقابل، لقي 125 إرهابيًا من عناصر المنظمة مصرعهم، وقصفت الطائرات الحربية التركية مواقع تابعة للمنظمة في شمال العراق. وفي موازاة ذلك، ادعى "حزب الشعوب الديمقراطي" الجناح السياسي لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، أن الهجمات التي تستهدف مواقع المنظمة، تهدف لرفع نسبة الأصوات المؤيدة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات الجديدة، محملًا الرئيس رجب طيب أردوغان مسؤولية تصاعد الأحداث.2- هل كانت منظمة "بي كا كا" جادة في عملية السلام، وما الذي فعلته خلال فترة وقف إطلاق النار؟أجرت منظمة "بي كا كا" الإرهابية تغييرات جذرية في خططها خلال مرحلة عملية السلام، حيث قامت بإنزال مقاتليها من الجبال، وتوطينهم في القرى والمدن، مستفيدين من اتفاق وقف إطلاق النار، كما زرع عناصر تابعون للمنظمة ألغامًا تحت الطرقات الموجودة في المناطق التي تديرها بلديات تابعة لحزب "الشعوب الديمقراطي"، تلك الألغام التي يؤدي تفجيرها اليوم لمقتل الكثير من رجال الأمن في المناطق الشرقية. عملت المنظمة مستفيدة من وقف إطلاق النار، على النزول إلى المدن والقرى، والقيام بأنشطة دعائية، وتجنيد مجموعات من الشباب، ونقلهم إلى معسكراتها في سوريا والعراق لتلقي التدريب العسكري، ثم إعادتهم مجددًا إلى مدنهم وقراهم لانتظار ساعة الصفر، من أجل تنفيذ العمليات الإرهابية. خرج أولئك الشباب إلى الطرقات فور دعوة قادة المنظمة لما أسموه بـ"الانتفاضة"، وبدأوا بحفر الخنادق في الشوارع، وزرع الألغام، وإقامة الحواجز على الطرقات، والاشتباك مع قوات الأمن. بعد تلك الأحداث، قال خبراء في مجال الأمن وسياسيون أتراك: إن "الجناح المسلح لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، لم يؤمن يومًا بعملية السلام، وكان يستفيد من كل مرحلة ليعد نفسه دائمًا من أجل الحرب". 3- ما الذي يحدث في منطقة "جزرة"، وهل الدولة تشن عمليات ضد "مدنيين أكراد"؟سعت منظمة "بي كا كا" الإرهابية وفق إستراتيجيتها الجديدة، لخلق "مناطق محررة" من خلال الاستعانة بعناصر مسلحة تقاتل على الأرض، ثم إعلان تلك المناطق "مناطق حكم ذاتي" تمتلك إدارة خاصة بها ولا تخضع لسيطرة الدولة التركية، اختاروا لتنفيذ هذا المشروع بعض المناطق التجريبية، وكانت بلدة "جزرة" التي تعرف أيضًا باسم "جزيرة ابن عمر"، ذات الغالبية الكردية في محافظة "شرناق" جنوب شرقي تركيا واحدة من تلك المناطق. قامت عناصر تابعة للمنظمة بتفخيخ الطرقات، وحفر الخنادق وإقامة الحواجز على الطرقات، وزرع الألغام، ومنع دخول أو خروج قوات الأمن، وقطع التيار الكهربائي وخطوط الهاتف والإنترنت عن المدينة، وإعلانها منطقة محررة. لماذا جزرة؟لأنها تعتبر من المناطق التي تضم ثقل منظمة "بي كا كا" الإرهابية، وتأوي عددًا من القيادات المسلحة للمنظمة. أعلنت القوات الأمنية حظرًا للتجوال في البلدة، بغية ردم الخنادق وتنظيف الشوارع من الألغام والمفخخات، وإعادة الحياة الطبيعية، إلا أنها اشتبكت مع مسلحي المنظمة، الذين عملوا على منع القوات الأمنية من الدخول إلى البلدة، ورغم احتدام الاشتباكات، إلا أن القوات الأمنية اتخذت أقصى درجات الحرص والحيطة، لتجنب وقوع إصابات بين صفوف المدنيين. وفي الوقت نفسه، أطلقت كوادر "حزب الشعوب الديمقراطي" الجناح السياسي للمنظمة الإرهابية، حملة تهدف لإظهار بلدة "جزرة" كما لو أنها تشهد "مذبحة للمدنيين". ومع ذلك، فإن شخصين فقط من المدنيين قتلا خلال تلك الاشتباكات، وكانت وفاتهما ناجمة عن انفجار ألغام، زرعها عناصر المنظمة الإرهابية بين المدنيين في شوارع البلدة.منظمة "بي كا كا" الإرهابية تمنى بخسائر فادحةإن تهاوي مسلحي منظمة "بي كا كا" الإرهابية أمام قوات الأمن، يعد من أحد الأسباب التي دفعت بالجناح السياسي للمنظمة، إلى شن مثل هذه الحملات الإعلامية المضللة. وهذا بالضبط ما نقلته قناة "ميد نوجه" التلفزيونية، التابعة لمنظمة "بي كا كا" يوم 8 سبتمبر الجاري، حيث قال أحد مسلحي المنظمة في "جزرة" للقناة خلال اتصال هاتفي: "إن وجود منظمة "بي كا كا" في جزرة قد شارف على الانتهاء"، مطالبًا بتأمين مساعدات عاجلة لمسلحي المنظمة، ليجهش بعد ذلك بالبكاء، ما دفع القناة إلى قطع بثها. لقد مني مسلحو المنظمة بخسائر فادحة، ليس في "جزرة" فقط في مختلف المناطق التي استهدفت من قبل القوات التركية، لذا تعمل الذراع السياسية للمنظمة على شن حملات إعلامية، تهدف لإيجاد تدخل دولي يحمي عناصر المنظمة. لا شك بأن تركيا تشهد فترة صعبة، حيث تواجه هجمات إرهابية تشنها منظمات من قبيل "بي كا كا"، و"جبهة حزب التحرر الشعبي الثوري"، و"داعش"، في الوقت الذي تتجه فيه رويدًا رويدًا نحو انتخابات برلمانية (تشريعية) جديدة.. تركيا تدرك أن بعض القوى الدولية، تحرص على تقديم الدعم اللازم لمنظمتي "بي كا كا" و"جبهة حزب التحرر الشعبي الثوري" الإرهابيتين، كما تعلم أن حكومتها تواجه حملات إعلامية تشنها وسائل إعلام أجنبية، وبطبيعة الحال، فإنها تدرك أيضًا من هي الدول الصديقة لها، وتنظر باهتمام إلى رسائل الدعم القادمة من تلك البلدان.