30 أكتوبر 2025
تسجيللعل الاهتمام بالأحداث الساخنة التي تعيشها منطقتنا العربية والإسلامية في العالم المعاصر قد بات أمرا ضروريا جدا. ولذا يجب على أصحاب مشاريع التنوير و التبصير بالحقائق الصحيحة استكناه ماوراء أخبارها من دلالات قد تغيب كثيرا على البسطاء و السذج من القارئين و يجب عليهم أن يواصلوا مشوار أبحاثهم ودراساتهم فالرأي قبل شجاعة الشجعان – كما قال المتنبي- وقد عرضت قناة الجزيرة برنامجا خاصا مفيدا لمثل هؤلاء ودللت الدراسات على أن نجاح بعض رؤساء الدول في إدارة بلادهم سلما أو حربا إنما استند إلى الآراء الحصيفة و عصارة الأفكار البانية التي أخذوها عن أهل العلم و الثقافة و التدبير و الفهم للواقع نظريا وعمليا. و بناء عليه فقد قام المركز السوري للعلاقات و الدراسات الاستراتيجية بندوة بحثية مهمة بعنوان: الحالة السياسية في تركيا و أثرها على الشرق الأوسط في الأيام القليلة الماضية وتحديدا في 5 و 6/9/2015 كالندوة التي عقدت العالم الماضي وكانت أقرب إلى العموم منها إلى الخصوص ويشارك فيها الدكتور أنور مالك و الباحث الألماني: "أود شتانباخ" و أسهم العديد من الباحثين في إثرائها وذلك بتوجيه الرئيس السابق للمركز المرحوم الدكتور "بهيج ملا حويش" ثم خلفه الدكتور خالد حسن هنداوي كاتب هذه الأسطر و كان للأخ الأمين العام للمركز السيد محمد صادق ديب و لمؤسس المركز المهندس محمد فاروق طيفور أثر كبير في تقدم هذا الصرح الذي حضرهذه الندوة الجديدة عن تركيا و دورها. سيما أنها لم تأخذ حَظها في الدراسة و التمحيص و التقديم كما أخذت ايران للأسف الشديد. ونظرا إلى أن الفهم العميق هو الذي يحدد معرفة كيفية إدارة الصراع فإن هذه الفعالية التي حضرها أكثر من خمسة عشر مركز بحث وشخصيات مربوقة مهمة عن الوضع الخطير في الشرق الأوسط خصوصا في سورية. وقد تضمنت هذه الندوة أربعة محاور هي : أثر الحالة السياسية التركية على الداخل التركي و كذلك أثر هذه الحالة على الوضع في سورية وكذلك أثرها على إيران و ضمنت بأثرها على العراق و الخليج العربي.أما المحور الأول بعنوان: أثر الحالة السياسية التركية على الداخل: فقد تحدث عنه الأخ الدكتور "أحمد اوصال" وذلك ضمن نقاط وصفية وتحليلية و خصوصا بعد توجيه الأسئلة وحل الإشكالات بتبادل الرأي مع الحضور. وقد استهل حديثه بتقديم عرض تاريخي بتطور الجمهورية التركية منذ عام 1923 م حتى وصول "حزب العدالة والتنمية " إلى السلطة. و أكد الدور الكبير – إيجابا و سلبا- الذي كان الجيش فيه يحكم البلاد ولا يديرها. ثم بين إنجازات حزب العدالة العظيمة قياسا إلى قلة مصادر الدعم الاستراتيجي و حيويتها كالنفط و الغاز ناقلة ترتيبها في عهد حزب العدالة من لاشيء تقريبا. كونها في ذيل قافلة البلاد اقتصادا على سبيل المثال إلى المرتبة السادسة في العالم عبر هذا المجال الأساس ولكن لفت النظر إلى بعض الأخطاء التي – ربما – كانت من أسباب تراجعه في الانتخابات الماضية عما كان يصبو إليه من تشكيل حكومة بقيادقة و الوصول إلى النظام الرئاسي كما أكد الدكتور أحمد على كراهية الحزب الجمهوري لكل ما يتعلق بالدين. ولكراهية العرب تحديداو مشيراً إلى أنه تحالف مع نظام السفاح الأسد وذلك لوجود نسبة كبيرة من العلويين الأتراك فيه بل إن رئيسه علوي كمالي لا يرى للدين أي تأثير في مجريات الأحداث ولا في تطوير الوضع في تركيا. ثم رأي "اوصال" أن حزب الشعوب الديموقراطي (كردي) يسيطر عليه منهجيا حزب العمال الكردستاني PKK وقادة جبل قنديل في العراق. ولفت إلى أن "عبد الله اوجلان" الزعيم الكردي السجين في تركيا منذ عهد حافظ الأسد هو أيضا علوي ويكره السنة الأتراك وله اجندته الخاصة. وفي ضوء هذا المختصر الذي جرى عليه تفصيل ومناقشات رأي الدكتور اوصال عدة أمور أهمها: أن على حزب العدالة أن يستفيد من أخطائه السابقة ليرفع نسبة أصواته في الانتخابات القادمة. سيما أن حزب العدالة طهر صفوفه من الفاسدين. و أن الأتراك رأوا مثلا أن حزب الشعوب الديموقراطي لم يكن ديموقراطيا كما وعد قبل و أثناء الانتخابات. واقترح أوصال أنه بات ضروريا أن يتحد حزب السعادة الاسلامي مع حزب العدالة لكسب رهان الانتخابات و ألاينشغل الاخوة الاسلاميون الوطنيون بالخلاف الييني فيصبحوا للأحزاب العلمانية الكمالية بالسيطرة على الوضع كما جرى قبل 3 سنوات في إندونيسيا بل وفي غيرها: فلابد من فهم الدرس بدقة و تغليب المصلحة العليا وعدم الانسجام مع أعذاء البلاد في سورية وغيرها طلبا لمكاسب دنيوية خسائرها أكثر من مرابحها بكثير. وختم المحور بالقول: ربما تطرأ مفاجآت غير محسوبة قد تغير من طبيعة الانتخابات و اختلاف نسب التصويت من حزب إلى آخر. وقد تحدث بعد الأستاذ "أوصال" الباحث والمحلل المشهور محمد زاهد كل و أثرى النقاش و الاجابات. فيشكر الأخوات التركيان اللذان تحدثا بالفصحى و كأنهما عرب أقحاح.