07 أكتوبر 2025
تسجيللم يعد خافيا على العوام فضلا عن الخواص أن اللعبة الأمريكية الروسية باتت مفضوحة الأهداف والمرامي حيال معالجة القضية السورية وأن تطوراتها الدراماتيكية من ضربة أوبامية كانت متوقعة جدا على الأقل حسب الظاهر بسبب حيازة واستخدام الأسلحة الكيميائية في غوطة دمشق إلى انتقالها نحو ورطة ربما تكون في غاية الإرباك لأوباما وفريقه ليغرقوا في مستنقع المبادرة الروسية التي أفادت إطلاعات موثقة صحفيا أن السيناريو المعد لها كان قد رتب منذ عدة أشهر وجرى الحديث عنه بين أوباما وبوتين على هامش اجتماعاتهما في اللقاءات السابقة لعدة مؤتمرات ذلك أن أوباما متوجس من الأسلحة الكيميائية التي زودته استخباراته بوجودها واستخدامها أحيانا في عدة مواضع من سورية كخان العسل بريف حلب وكذلك في ريف دمشق ضد المعارضة والمدنيين وقد تهيأت الأمم المتحدة بالمفتشين لكشف ذلك إلى أن انتهت بمجزرة الغوطة الشهيرة التي لا يستطيع أحد إنكار استعمال الكيماوي فيها وإن أصر بوتين على أن الاستخدام كان من المعارضة ورفض أوباما زعمه ذلك مؤكدا أن الجزار الأسد هو المسؤول ولعل نتائج العينات بحوزة العلماء المفتشين وعبر مختبراتهم تظهر كامل الحقيقة قريبا وإن بدا بان كي مون شبه متأكد أن الأسد هو من استخدم الكيماوي فيها على أن اللافت للنظر أنه لدى تدخل روسيا بمبادرتها الملغمة لتفادي الضربة على مدللها السوري وبالتشاور مع ربيبتها إيران أسرع الأسد معترفا بوجود الترسانة الكيميائية لديه وأنه يضعها تحت الإشراف الدولي وأن سورية قررت أن تنضم إلى منظمة الدول الموقعة على حظر الأسلحة الكيميائية والحقيقة أنه قرار روسي لا سوري فماذا يملك الأسد بعد أن شبع موتا وأصبح بلا أي سيادة سياسية أو عسكرية على وجه الحقيقة ولولا الدعم من شركائه وحلفائه لكان منذ زمن في خبر كان. وهكذا يبدو أن الدبلوماسية الروسية قد وجدت لأوباما مخرجا من تورطه بالضربة العسكرية إضافة إلى الحيلة التي اتفق فيها مع الكونغرس أن يؤجل التصويت على اتخاذ قرار بها وذلك من أجل أن يحفظ ماء وجهه فقبل بالمبادرة ملوحا أنها إذا فشلت فلا يزال احتمال توجيه الضربة مطروحا على الطاولة وكيف لا وهو الذي كرر أكثر من مرة أنه المدافع عن الخط الأحمر باستعمال الكيماوي كما يقول وأراح إسرائيل التي ستكون الرابحة الأولى إذا تم تدمير الكيماوي في سورية التي تزعم أنها دولة المقاومة والممانعة التي يباهي بها الأسد وأبوه قبله ولكن ربما شعرت إسرائيل من جهة أخرى أنها من دون ضربة الأسد ستجد نفسها وحيدة في مواجهة المشكلة النووية الإيرانية وقنبلتها المرتقبة خصوصا إذا فشلت المحادثات مع الغرب سلميا فالكل يبحث عن بازار المصالح ليس إلا وهكذا قد يجد الصهاينة بعض الإيجابيات في مبادرة بوتين الذي يعمل لإسرائيل كما هو أوباما إلا أنهم لا يغفلون الانعكاسات السلبية على عدم الضربة من جراء تخوف أوباما من الانتقامات المتوقعة من المحاور المعادية لها خصوصا إيران لا شك أن السياسة الأمريكية في عهد أوباما على المحك ومن وجهة نظرنا فإن هذا معظم ما يميز حراكها تاريخيا حتى صنفت كتب وسجلت بحوث في هذا الميدان لا مجال للتفصيل فيها الآن ويكفي كتاب أمريكا بلد المتناقضات للدكتور مازن موفق هاشم لإلقاء الضوء منذ الحرب الباردة وحربي كوريا وفيتنام والتناقض في الوجود اليهودي فيها وتنامي الطرح الراديكالي عند رؤسائها والمتوازن عند البعض والنظرة المبغضة للعرب والمسلمين غالبا وخطة أمريكا السرية ومن يسيرها وهل غدت اليوم دولة ديكتاتورية رغم ما تطلقه من شعارات الديمقراطية والحرية أن الناظر فيما عليه المجريات اليوم تجاه القضية السورية بسبب ما يتخذ ذريعة باسم الكيماوي إنما هو لاختزال ثورة شعب كامل هب من أجل الحرية وضحى بمئات آلاف الشهداء والمعتقلين و ملايين المشردين من أجلها هل سمعتم كلمة واحدة من أوباما الذي يدعي صداقة الشعب السوري نحوه وحول هذه الثورة وحقوق المستضعفين أم أن هذا في آخر ذيل ما يهتم به. أما بوتين فهو المجاهر بأنه أمام وخلف القتلة بل هو الذي يذبح شعبنا بسلاحه الفتاك مع ربيبته إيران وذيولها الوحوش لا غرو بعد ذلك أن نسمع تصريحات مسؤولي الجيش الحر وأركانه أن الاتفاق بين الأمريكان والروس لا يعنيهم لأنه ضد الشعب والثورة وأنه في صالح إسرائيل فقط كما نقل الدكتور على محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وأن اللوبي الصهيوني هو المحرك والرابح في سورية بل حتى في مصر. لا فرق بين أمريكا وروسيا وإسرائيل في التعاطي مع الملف السوري واتخاذ قرارات مجلس الأمن للموافقة على ضربة للنظام السوري إنما هو مجرد شماعة وإلا فكيف تدخل العم سام وضرب السودان واليمن وكيف تم ضرب كوسوفا وجورجيا والعراق وغيرها دون الرجوع إلى المجلس يا بوتين وإذا أضفت ما صرح به خامنئي المرشد الأعلى ولي الفقيه في إيران وأفهمه أوباما أن سورية بالنسبة لإيران خط أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي ظرف وعرفت موقف إيران التابع لروسيا والملتقي في النهاية مع إسرائيل رغم ظاهرية الرفض عرفت أن أوباما قد بدل الخط الأحمر إلى أخضر غالبا وأن الأمريكان والروس والإيرانيين هم من يتفننون في قتلنا وأدركت أن المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي لا بد أن تفكر من جديد بحلول واقعية وأن تعتمد على الذات بعد الله تعالى ولا تنطلي عليها حيلة الأمريكان أنهم سيمدونها بالسلاح النوعي فإن مقابل ذلك القرار الروسي الإيراني بتعزيز القدرات العسكرية السورية بنوعية فائقة لتحقيق نتائج على الأرض ليذهبوا إلى جنيف 2 بتوازن أكبر ثم تكتمل الحيلة بالعمل على استمرار بقاء الأسد الذي بالاتفاق مع إيران لدفع الثمن باسم المبادرة الروسية التي تحرص على ربيبتها إيران حيث لن تتنازل عن نفوذ مشروعها الإيراني الجهنمي ضد العرب والمسلمين في الشام.