15 سبتمبر 2025

تسجيل

فضاء المثاقفة: بين التأثير والتأثر

16 أغسطس 2022

يظل موضوع ماهية الإنسان وطبيعته الخاصة محورا متجددا دائماً وقابلاً للتساؤل، ويكمن الحديث عنه غالباً بشكل عام، وذلك من باب المعرفة العامة والقواعد المبني عليها شعور الانتماء مثلاً أو العودة لامتدادات الهوية، تاريخها، أثرها أو حتى تطلعاتها المستقبلية. ويظل جزء من التحدي الشيق أن يكون العمق للماهية أكثر اقتراباً لمسألة الوعي الاجتماعي للفرد، مثل أكثر التفاصيل التي تظهر على سطح الوعي كتمثلات سلوكية متبوعة أو قيم ضمنية خاصة بطبيعة مجتمع ما. وفي هذه الحال، سيكون الحديث مقلوباً عن طبيعة الأنظمة العمودية، حيث ستكون بدايتها من الفرد وانتماءاته الجماعية وصولاً إلى النظام، النظر في مدى تأثرها وتأثيرها في نفس المعادلة. وبحسب مسار التحديث على النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، تظل الأسئلة قائمة حول طبيعة النمو والتطور التي من المتوقع أن تطرأ على الوعي المحلي، وهل هناك حدود للتقدم نحو الدولة المدنية الحديثة، ما هي التطلعات التي يجب أن تكون سياقاً في التغير الاجتماعي؟. فعلى الرغم من التطور الاجتماعي الملحوظ في طبيعة المجتمع المحلي من حيث النمو المعيشي على سبيل المثال والتغير في السلوكيات العمومية كنمط الاستهلاك، أو في المنظور الجماعي لمفهوم الهوية وسؤال من نحن، أو حتى في العرف الاجتماعي التقليدي والنمطي. إلا أن كل ما سبق لا يزال يعتبر كسلوكيات متبوعة أو اتفاقيات جماعية ضمنية تتداول بين الأفراد والتي هي أيضا انعكاسات تواجه بتحد بشكل مباشر وغير مباشر التطورات العالمية وعولمتها كتمثلات متجددة على الهوية الثقافية. إذ إن العولمة بحد ذاتها تعتبر عاملا مؤثرا على ما سبق، حيث تظل مستويات الثبات والتقدم القيمي التحدي الأكبر لدى المجتمعات. كما تستمر التساؤلات مفتوحة وقابلة لإعادة النظر فيها لسنوات وحقب قادمة، وهو ما يتعلق بالتغييرات الاجتماعية وتأثرها مما يطرأ عليها تباعا لأهداف مؤسسات ورؤية شمولية لخطط استراتيجية، فتظل علاقة مركبة ومعقدة، لأنها تعتبر علاقة تأثير وتأثر من كلا الطرفين، أي بين المؤسسة الإدارية واتجاهات الوعي الثقافي للأفراد. وهذه العلاقة تعتمد على حسب طبيعة الأنظمة وأساليب تشكيل الهوية الثقافية أو تحصينها مستقبلاً من ناحية النظر في زيادة الإنتاج المعرفي على سبيل المثال والتركيز على الصحافة والإعلام، وأيضاً منح فرصة التعددية في الأفكار والسلوكيات كسمات لابد وأن تكون جزءاً من التجديد لخلق الوعي المجتمعي الحديث مواكبة مع حداثة الدولة وتطلعاتها نحو المستقبل. لذلك، يظل العرف الاجتماعي جزءاً مهماً في خلق وعي الفرد الثقافي المطلوب ولبناء جماعات متجانسة ومتكاملة تأثر على رؤية استراتيجية وتتأثر منها الرؤية بناء على التطلعات الاجتماعية. لاحظنا القاعدة في البداية، ويجب أن نستيقن بأنها معقدة في التركيبة في حال عكسها لأنها ستكون إسقاطاً مباشر، حيث يتعين على المعادلة التوازن في المعايير ما بين التغييرات الحديثة والحفاظ على جوهر الموروثات الوطنية، التي تضمن تشكيل مجتمع متجدد وموائم للحركة التنموية عبر منح فضاء متجدد للمثاقفة متبادل في حدود السيادة الوطنية والتي تضمن المحافظة على القيم الاجتماعية وتحصينها ضد التيارات الخارجية خلال فترة التحديث.