08 أكتوبر 2025

تسجيل

قطر وفطرة التنظيم

16 أغسطس 2020

عقلنة التصورات وتحويلها لخطط وعمل مؤسسي غريزة التنظيم في عقر دار الذات و في عمقها لدرجة عدم القدرة على إدراكها، كما هو التنفس و كما دقات القلب و نبضه و عدم إدراكنا له، كما يقوم الجسد بوظائفه دون وعي منا وكما يقوم العقل بدوره دون علم منا فمعظم الوظائف يتم تنظيمها و القيام بها دون أن تشغل الذهن أو العقل، من التنفس إلى الرؤية لا ندركها و لكن نحس بها و كأنها تلعب على شاشة سينما، نراها و لا ندركها وهي ضرورة للحياة، وكذلك التنظيم من النجوم إلى الأفلاك إلى الفصول وكل في فلكٍ يسبحون، ولكن بهدوء و سكينة تكاد تخفي أهمية ما يدور، و في قرارات الدول و المؤسسات يأتي التنظيم كخطوة اولى ضرورية و كلما احكم هذا التنظيم من رؤية الى تصورات الى خطط و الى إستراتيجيات كلما كانت النتائج مرضية، و كذلك رأينا مجلس الوزراء بقدم خططه و تصوراته و أولويات خياراته و تصاميم تنفيذه لتلك الخطط. فعندما ننظر لما حققت قطر على مر العقود يتبادر للذهن كيف استطاعت قطر ان تحقق كل هذه الإنجازات و المكتسبات و نتائج أقرب للمعجزات من الفوز باستضافة حدث كأس العالم الى تجاوز الحصار الى التغلب على تداعيات كورونا، هي ثقافة هذا الشعب النبيل و حبه في النظام و التنظيم و التزامه بمخرجات عقلنة التصورات و تحويلها لخطط و عمل مؤسسي بعيد عن التفرد بالقرار و تغذية الذات على حساب الوطن أو باتخاذ قرارات تعزز الحس بكبرياء الذات على حساب العملية التنظيمية. فأولاً و أخيراً لا بد من تنظيم و تصميم القرارات بالمؤسسات العامة و قطاع الاعمال اذا اريد لها النجاح فإن اسقاط المنطق و العقل على سير العمليات أساسي و نرى مدى تخبط دول الحصار و الكثير من الدول لجنوحها لتطبيق قرارات فردية أو غير مدروسة او تغلب العواطف و المشاعر على الحكمة و المنطق، لذا إن كان من هيأ لقطر لتبني هذا النهج هو الثقافة القطرية فهي الميزة التنافسية الأولى و يجب أن نعي و ندرك أن تعزيز هذه الثقافة هو الخيار الأول لنا فهو مصدر القوة و يجب بذل كل الطاقات و الإمكانات للمحافظة على ثقافة التنظيم و إعادة التنظيم المترسخة لدينا و التي حافظت قطر عليها على مر القرون فلو أن ثقافة الارتجالية و العشوائية و جدت لها طريقا لم تستطع قطر اليوم ان تنعم بهذا السلام و الرفاهية، فنظمت قطر ردودها و إجراءاتها بشكل منسق و مدروس و بدأت بأخذ الإجراءات القانونية حسب الاعراف و التقاليد المهنية و واجهت دول الحصار دولة دولة و قضية قضية وتجاوزت كل العقبات و استطاعت تبيان أهمية ما اتبعته قطر من سلوك منظم مع دول الحصار. فحقوق الملكية محمية بالقانون الدولي ومن يتعدى فإنه يهدد التجارة العالمية وليس قطر فحسب و قد حصلت قطر على حكم بعد حكم و من محكمة إلى محكمة ومن منظمة التجارة العالميه إلى منظمة الطيران الدولي. طبعاً كل قضية هي فوز لقطر و سمعة دول الحصار تغرق تحت الأحكام مما يعطي صورة لنظم حكم الحصار تبرز عدم تقيدها بالقانون الدولي و لا المعاهدات و لا الاتفاقيات الدولية، و تظهر حالة عدم الاكتراث بالمجتمع الدولي مما يعرض هذه الدول لأسئلة كثيرة في أذهان الشعوب والمسؤولين و المستثمرين و رجال الأعمال و المؤسسات الدولية و الشركات. فمثل هذه السلوكيات لا تطمئن مجتمع الأعمال و ترجمة تلك التصرفات عندما فشل الصندوق السيادي السعودي في الاستحواذ على نادي نيوكسل البريطاني، و نرى عدم قدرة السعودية على تمويل و جذب المستثمرين لمشروع نيوم الذي وعد به ولي العهد السعودي، بالإضافة لقدرة المؤسسات القطرية على المطالبة بتعويضات بالمليارات الدولارات فهي ليست خسارة قانونية و معنوية و سياسية و اقتصادية بل و مالية، لذلك فإن نهج قطر المنظم خدم الدولة و مؤسسات الدولة و يمكن من تعميق ثقافة التنظيم في مختلف جوانب الدولة و الحكومة. [email protected]