26 أكتوبر 2025

تسجيل

هل يستحق السيسي تمديد مدة رئاسته ؟

16 أغسطس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); رغم الغلاء واكتواء الناس بناره، ورغم ضياع الأمل عند أغلبية الشعب المصري في غد أفضل، ورغم أن وعود الرخاء تبخرت وذهبت أدراج الرياح وحلت محلها عبارة الرئيس السيسي الفرعونية اليائسة المحبطة: "أنا مش قادر أديك، لو أقدر أديك أديك من عيني بس أنا مش قادر، هتاكلوا مصر يعني؟ هاتموتوها؟"، ورغم ازدياد معدلات الفقر، فإن الأيام الماضية شهدت ظهور حركة مجهولة تزعم أنها بصدد جمع 40 مليون توقيع، جمعت منها 120 ألف توقيع، لمَد مدة الرئيس السيسي الحالية من أربع سنوات إلى 8 سنوات. وهي حركة تقتفي أثر حركة "تمرد" التي جمعت التواقيع لعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي ولا يستبعد أن تكون هي نفسها وإن تغيرت الوجوه أو الأسماء وهذه المرة جاءت لتثبيت الرئيس لا لعزله، متجاوزة الدستور الذي قيد مدة الرئيس بأربع سنوات ومتجاوزة لأحكام القانون الذي يمنع قيام جماعة بممارسة العمل السياسي دون تصريح مسبق. لكن هذه الحركة مثل توأمها "تمرد" موجهة من جهات عليا ولديها أدواتها وتمويلها وربما أحست الدولة العميقة بأن شعبية الرئيس السيسي تتدنى يوما بعد يوم، وأن قيام البرلمان بتغيير بعض مواد الدستور لتركيز السلطات بيد الرئيس وتمديد مدته لن يلقى الترحيب من الشعب، ولذا دفعت بهذه الحركة للترويج والدعاية للفكرة. وبالتأكيد فإن الغرض منها هو التمهيد لمنح الحكم للرئيس السيسي إن لم يكن لثماني سنوات لكل مدة فلمدى الحياة، ويبدو أن هذه الحركة امتداد لقائمة "في حب مصر" التي أشرف عليها وأدارها الراحل اللواء سامح سيف اليزل وتحول اسمها إلى "ائتلاف دعم الدولة"، وأعلنت صراحة أن هدفها دعم الدولة والرئيس السيسي وأنها من تحت قبة البرلمان ستعمل على تغيير مواد في الدستور لزيادة المدة الرئاسية للرئيس السيسي حتى يتمكن من الإنجاز ومن مواجهة الإرهاب. وهو الأمر الذي لم يتح للرئيس المدني المنتخب محمد مرسي الذي كان يحاسب من الإعلام والنخب المرتبطة بالدولة العميقة باليوم والساعة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يستحق الرئيس السيسي أن تمدد له المدة إلى 8 سنوات؟ الإجابة جاءت من الإيكونوميست البريطانية التي اعتبرت حتى إعادة ترشيحه في عام 2018 سببا في تفاقم مشكلات مصر، وقالت: "إن تجاوز مصر لأزمتها الاقتصادية الخانقة يتطلب امتناع السيسي عن إعادة ترشيح نفسه للرئاسة في عام 2018 لأنه ليس بالكفاءة المطلوبة للنهوض بمصر". وذكرت أن الشباب في عهده شهد أوضاعا سياسية واقتصادية واجتماعية ومعيشية أسوأ من التي شهدها أيام مبارك، وأن تراكم هذه الأوضاع ينذر بوقوع انفجار في مصر. فسكان مصر البالغ عددهم في أبريل من عام 2015 نحو 88 مليون نسمة يشكل الشباب الذين هم أقل من 40 عاما 74.8 % منهم، وقد وصلت البطالة في مصر إلى 40% خاصة بين المتعلمين الذين لا يجدون وظائف في الدولة التي تحاول من خلال قانون الخدمة المدنية تقليص عدد من يشغلون الوظائف منهم من نحو 7 ملايين إلى نحو 3 ملايين فقط، بينما أدى تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية وارتفاع سعر الدولار إلى غلق كثير من المصانع والشركات، الأمر الذي ضيق فرص التوظيف أيضا في القطاع الخاص. السياسات الفاشلة للرئيس السيسي أوجدت الإرهاب عوضا عن إنهائه، وزادت عدد السجون والمعتقلات عوضا عن غلقها، وعطلت الإنتاج عوضا عن زيادته، وفرقت الشعب عوضا عن توحيده، وأفزعت المستثمرين عوضا عن جذبهم، وقضت على السياحة عوضا عن جلبها، وبددت معونات دول الخليج عوضا عن توظيفها، وخفضت الدعم على السلع الأساسية عوضا عن مضاعفته، وخصخصت شركات القطاع العام عوضا عن صونها، وعسكرت الاقتصاد عوضا عن إعطاء الفرصة للقطاعات المدنية، وبددت مدخرات المصريين في مشاريع مظهرية ضخّمها الإعلام؛ فلم تكن قناة السويس الجديدة إلا مجرد تفريعة سبق لرؤساء مصر السابقين عبد الناصر والسادات ومبارك أن حفروا مثلها في صمت، كما ذهبت أموال طائلة في شراء الأسلحة التي لا تبدو مصر في حاجة ماسة إليها هذه الأيام. وكانت النتيجة كارثية إذ أصبحت "مشاكل الاقتصاد المصري أكبر بكثير من قدرة الحكومة على استيعابها"، فبلغت نسبة التضخم السنوية 15% وتراجعت قيمة الجنيه في عام واحد إلى نحو 50% وهبطت الاحتياطات النقدية من الدولار لأكثر من 50% وبلغ العجز في الميزانية نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، ووصلت نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي 98.4% متجاوزة حد الأمان، وبلغ نصيب كل مواطن مصري من الدين العام بشقيه المحلي والخارجي حتى نهاية ديسمبر 2015 نحو 30310 جنيه مصري. فالسيسي لا يستحق التمديد لأن التمديد له يعني استمرارا لهذا الأوضاع المتردية وتعجيلا للانفجار الذي سيطال استقرار مصر لا محالة.