13 أكتوبر 2025
تسجيلآثار كارثية على الاقتصاد العالمي سيصعب احتواؤها هناك حشود عسكرية حالية مؤثرة سلبا على اقتصاد المنطقة وهناك حصار فرض على إيران، وإذا استمر هذا الحصار وتواصلت عمليات الحشد العسكري فهذا يعني أن هناك تكاليف باهظة على الولايات المتحدة لمثل هذا الحشد، والولايات المتحدة قبل أن تحشد عسكريا تعلم هذه التكاليف المادية وتم حسابها بشكل دقيق، وفي الغالب هي تدرك أنها لن تتحمل هذه النفقات، كما لمحت وصرحت أكثر من مرة، وهذا معناه أن الاقتصاد الخليجي هو من سيتحمل التكاليف الحالية للحشد وخاصة في السعودية والإمارات، وهذا يؤدي لمزيد من الضغوط الاقتصادية التي تحول هذه البلاد إلى حالة اقتصاد الحرب، وهي أسوأ حالات أي اقتصاد في التاريخ، فمعه تتوقف مشاريع التنمية، وتقل السيولة وترتفع الأسعار. أهداف الحشود العسكرية الحالية وإذا تأملنا التصريحات الأخيرة فإن هناك حربا كلامية وحشودا عسكرية مع عدم الرغبة في الدخول في الحرب، وهذا يجعلنا نفسر بأن هذا الحشد سببه الرغبة في التفاوض، وأن تجري إيران مع الولايات المتحدة اتفاقا جديدا، لن يختلف كثيرا عن الاتفاق القديم، ولكن إذا تم فسيرفع من أسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي سيخوض انتخابات رئاسية العام المقبل 2020، وسيتجاوز كثيرا من مشاكله مع إدارات الحكم في بلاده، وسيفوز بمرحلة ثانية، وسيسمى اتفاق ترامب بدلا من اتفاق أوباما، فما يحدث الآن في تصوري جزء من حرب انتخابية. وهناك جانب آخر مرتبط بمنطقة الشرق الأوسط يتمثل في محاولة كبح جماح إيران في المنطقة بشكل مباشر من أمريكا التي عجزت عن هذه المهمة عن طريق وكلائها في المنطقة، فإيران استطاعت السيطرة في اليمن ولبنان وسوريا والعراقـ وباتت متحكمة بممرات حيوية في الملاحة الدولية، من خلال السيطرة على مضيق هرمز، ومن خلال قدرتها على الوصول إلى مضيق باب المندب. والمواجهة المباشرة بالنسبة لوكلاء إيران سيجعلهم يعيدون ترتيب أوراقهم، وسيحاولون تجنيب أنفسهم المخاطر وسينأون بدولهم عن إيران، وهذا يزيد على نظام طهران العزلة والحصار، وهو هدف كاف بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. الـتأثيرات السلبية للحرب على الخليج وإذا حدثت ضربة عسكرية أمريكية فيكون هدفها إيقاف البرنامج النووي الإيراني لعقود أو إنهائه كما حدث في العراق، كل هذه أهداف وسيناريوهات الحرب والحشد لها بين الولايات المتحدة وإيران، والسؤال الآن... إلى أي مدى ستكون الولايات المتحدة قادرة على خفض الأضرار الاقتصادية للمنطقة؟ والجواب يتمثل في تفكيك المنطقة جغرافيا، فمسرح الحرب لن تكون إيران فحسب، بل ستكون دول الخليج أيضا، وهي على نوعين، الأول يعلن عداءه الصريح لإيران، والثاني يقف موقف الحياد ويتمتع بعلاقات جيدة مع طرفي الحرب، فالطرف الأول فيه السعودية والإمارات والبحرين، والطرف الثاني فيه قطر والكويت وسلطنة عمان. وفي رأيي أن دول الطرف الأول ستتعرض لمخاطر كثيرة، وهجمات إيرانية مباشرة، ودول هذا الطرف - وخاصة البحرين - ستتحمل كثيرا من فاتورة الحرب المحتملة، كما أنها تتحمل الآن فاتورة الحشود العسكرية الحالية، وخاصة إذا ما استهدفت إيران منشآت النفط في البحرين والإمارات والسعودية، وهي أهداف سهلة لإيران، وآثارها موجعة على العالم كله الذي سيسعى للضغط على الولايات المتحدة لإيقاف هذه الحرب. وضرب إيران لمنشآت نفطية خليجية رسالة إلى الاقتصاد العالمي الذي سيكون تحت الحصار الإيراني بهذه العمليات العسكرية، فالآثار الكارثية على الاقتصاد العالمي سيصعب احتواؤها، إذ ستغلق سوق السندات العالمية، وستتراجع إمكانيات مصارف البنوك، وسيعاني العالم من شح كبير في السيولة، وقد تدخل الكثير من الشركات والبنوك في احتمالات الإفلاس، كل هذا سيرفع من تكلفة رأس المال في الداخل مما يعطل قدرة الشركات والمؤسسات على العمل، وسيصعب الوضع على قطاع الأعمال والشركات من الدخول في مشاريع. أما دول الطرف الثاني فلن توجه لها ضربات عسكرية، صحيح الكل سيتأثر سلبا، ولكن هذه الدول ستتعافى سريعا فهي دول ليست طرفا في هذه الحرب. إن سياسة دول الطرف الثاني المتزنة ستجنبها الكثير من الآثار السلبية لهذه الحرب المحتملة التي ستؤثر سلبا على اقتصادها باعتبارها جزءا من المنطقة وجزءا من الاقتصاد العالمي الذي سيتأثر كثيرا إذا ما حدثت الحرب التي سيكون قرار بدئها صعبا، وقرار إيقافها أكثر صعوبة.