04 أكتوبر 2025
تسجيلليس هناك خطوط حمراء لتمدد القطاع الخاص لكل أنحاء الاقتصاد. من الصناعات الإستراتيجية والتي كانت خطا أحمر للقطاع الخاص. وكانت جزءا من فضاء الدولة فقط. لم يكن يسمح للقطاع الخاص بتملك الكهرباء ولا الماء ولا الصناعات الحربية. وكانت حملات التأميم من أهم أدوات الدول لإعادة التوازن. وإخراج القطاع الخاص من قطاعات تعتبر إستراتيجية. كان يعتبر عملا وطنيا وثوريا وأمرا لابد منه. ولكن وبعد فترة من التأميم تبين مدى تراجع الإنتاجية والكفاءة في كنف إدارة الدولة أصبح موضوع التأميم موضوعا يحتاج للدراسة والتروي. ثم جاء سقوط جدار برلين وما يحمله من حكم على الاشتراكية والشيوعية من عدم الكفاءة في إدارة الاقتصاد والمؤسسات الإنتاجية. وأثر عدم الكفاءة في إدارة الشأن الاقتصادي وتبعاته السلبية على الشأن السياسي. وعدم القدرة على إدارة الشأن الاقتصادي أدى إلى انهيار الاتحاد السوفيتي ودفن رؤاه في تشكيل العالم على المفاهيم الشيوعية أو الاشتراكية وحروب الطبقات الاجتماعية. وفي المقابل وبعد الأزمة المالية وتهاوي النظام المالي العالمي الرأسمالي. لم يعد هناك خطوط حمراء على تدخل الدولة حسب الحاجة والضرورة. ونكون قد وصلنا لنهاية حقبة. كانت سمتها الشد والجذب بين ما هو للدولة وما هو للقطاع الخاص. وجرت حروب وغزوات منها ما هو فكري ومنها ما هو استخباراتي ووصلت لحد العمل العسكري والحروب إما باردة أو حروب بالوكالة. كل يدعم موقفه بكل ما أوتي من قوه ووسائل. وفي الكثير من الأحيان يغيب على الممارسين الهدف الأسمى وهو رفاهية وأمن المواطن والإنسان. فالغاية تبرر الوسيلة كانت ممارسة من قبل كل الأطراف. وإن استطاع البعض تسويق آرائه بشكل أفضل. إلا أن الإنسانية اكتسبت خبرات ومعارف جمة ونحن اليوم نخرج من ذلك النفق وتلك التجربة الإنسانية محصنين بمعارف ووعي سيساعد على بناء عصر جديد يرتكز على ما شهدته الإنسانية في القرنين التاسع عشر والعشرين. ومنها أن دور القطاع الخاص والعام يجب أن يبنى من جديد. وعلى أسس عملية من وحي الواقع. وتوليد المفاهيم والأفكار من بطن الممارسات العملية وعدم النظر لوجود حلول سحرية يملكها طرف خارجي بل استخدام أدوات التحليل والاستنتاج لبناء مفاهيم عصرية بعيدة عن المحاور. وعدم التقيد بما هو معرف كرأسمالي أو اشتراكي أو محافظ أو ليبرالي بل أخذ الدروس من جامعة الواقع العملي وبما نملك من معرفة. والاعتماد على الذات فلا أحد يعرف واقعنا إلا نحن، ونحن أقدر على إيجاد الحلول لذلك الواقع. حوار مفتوح بين جميع الأطراف سيسمح بتشكل الأفكار وتقبلها من قبل الجميع، لا خطوط حمراء ولا فضاءات ممنوعة مسبقا ولا أفكار معولبة. بل تعاون وبناء مشترك وعمل متكامل. وما القطاع الخاص والعام إلا قطبا الاقتصاد . ولا غنى لأحدهما عن الآخر. وعملية المد والجزر لابد تأخذ معطيات الاقتصاد في الواقع. وليس حسب التنظير والتجريد والفرضيات المسبقة والأفكار المقولبة. بل من خلال الواقع وواقعنا خاصة في العالم العربي عامه والخليج خاصة. فالكثير من القطاعات لم تقم وقطاعات أخرى لم تنشأ بعد. وقطاعات أخرى ضعيفة والقطاع الخاص عموما ليس بقادر على التعمير في الاقتصاد بالسرعة والكم والنوعية المطلوبة. ولذلك لا حرج في تدخل الدولة وإقامة المؤسسات التي يحتاجها الاقتصاد. باستخدام الأدوات المتاحة. ودون الإضرار بالقطاع الخاص في لحظات تدخلها أي تكون خطواتها مدروسة. وآثارها مقدرة ويتم معالجتها بالسرعة المطلوبة والتي تؤسس لبناء ثقة بين القطاعين. تدخل لتبني ثم تنسحب ببطء وسلاسة. لتترك المجال للقطاع الخاص لإكمال المسيرة. وتتوجه لركن آخر وفضاء آخر لتكمل عملية البناء. تناغم عمل القطاعين الخاص والعام هو عنوان الفترة القادمة. ومن خلال تراكم التجارب والتعامل مع الواقع وحاجات الاقتصاد. سيتم بناء منظومة اقتصاديه خاصة باقتصادات المنطقة وأساس لتكوين مفاهيم بعيدة عن الافتراضات السابقة. والتي هيمنت على العالم على مدى قرون. ونرى في حالة واقعنا في قطر أن أهم عامودي التغير هما الصندوق السيادي الخارجي والصندوق السيادي الداخلي. فبينما يعمل الصندوق الخارجي لتنويع مداخيل الدولة وتوظيف ثروات الوطن في استثمارات مجدية وتوطين التقنيات والمعارف والممارسات الدولية ذات الجودة العالية وبناء شراكات دولية تمنح الدولة نفوذا ناعما يخدم مشاريع التنمية ويمهد السبل لنقل الاقتصاد لمصافات أعلى من خلال تملك الأصول في الشركات والمؤسسات الدولية ذات السمعة والمكانة العالمية القادرة على تنفيذ المشاريع والمساهمة في بناء الاقتصاد، يقوم الصندوق السيادي المحلي ببناء المؤسسات ودعم مشاريع التطوير والمبادرات الوطنية ودعم الحاضنات الوطنية والعمل مع الصندوق السيادي والشركات المحلية لتوطين التكنولوجيا والممارسات العالمية، والهدف هو دعم الاقتصاد الوطني من خلال إكمال بناء القطاعات المختلفة.