15 سبتمبر 2025

تسجيل

السيد المالكي .. ما بني على باطل فهو باطل

16 يونيو 2012

طرفة سرت بين قبائل شمر العربية حين عين الحاكم العسكري على العراق بول بريمر السيد غازي عجيل الياور على رئاسة العراق في المجلس الانتقالي بعد سقوط صدام وتولي الجيش الأمريكي مهمة إدارة شئون البلاد بداية من النفط وتأمين المنطقة الخضراء وكتابة الدستور الجديد وغيرها من الأمور المهمة للمحتل دون سواها من يوميات أناس الشارع وأرواحهم ومستقبل أولادهم وفق ما يطمحون، بل كان الاهتمام بقلب الموازين وتحريك مجاري الأمور وفق رؤى محددة تفضي إلى رغبات إستراتيجية لا تبشر بخير للمنطقة وأهلها، ومفاد الطرفة المشار إليها أن أبناء شمر تناقلوا رسالة هاتفية بينهم تقول "حائل للبيع لعدم التفرغ" في شعور أنه أصبح من القبيلة حاكم ودولة بعد أن تلاشى حكم " شمر " والتي كانت تتخذ من حائل مركزا لها خاصة أن معظمهم يسكن العراق الآن متفرقين بين طائفتي "السنة والشيعة" ولكن ربما كان لهذه الأكثرية حساب آخر لدى المحتل فلم يكن بريمر أو حتى مخططو السياسة في حكومة بلاده وهم في مهمة غاية في الدقة التاريخية كمن يحتاج إلى مبضع جراح خبير بمواطن الألم وخباياه لذلك كان السيد الياور يكمل نصاب قادة دول الخليج وهو يتزين بالمشلح العربي فإلى جانب تلك الطرفة سرى بين الناس داخل وخارج العراق شعور بأن البلاد قادمة إلى حضن أمتها وأن المحتل أحسن صنعاً باقتلاع صدام وفك عزلة العراق بعد غزوه للكويت، ولكن كان مشلح الياور وحجم تعداد قبيلته وربما دون أن يفهم الجميع عمق النوايا مدعاة ليكون خلف الأكمة ما وراءها من حيل السياسة وربما تزوير التاريخ حيث كان المطبخ السياسي في العواصم المعنية بالشأن بما فيها طهران منشغل بصياغة الدستور العراقي الجديد والتقسيمة السكانية التي تضمن جلاء الأغلبية فكان التقسيم متداخلا بين قوميات ومذهبيات بعد تحييد الأكراد بالحكم الفيدرالي وتقسيم العرب بين سنة وشيعة فكان للمخططين ما أرادوا بعد أن ألهي الداخل بالإرهاب والضربات المفزعة وأشغل محيط العراق بدفع تهم التدخل في الشأن العراقي، فاهتمت السعودية مثلا ببناء جدار حدودي فاصل لمنع التسلل إلى العراق وللسلامة من مغبة اللوم العالمي وأصابع الاتهام المتكررة من المؤسسة الحاكمة في العراق والتي تمرر من خلال هذه الاتهامات رسائل للشحن السلبي ضد دول الجوار خاصة السعودية وسوريا فيما قبل الربيع العربي أو ربما جلب التهمة للدولتين لمجرد تمرير الرسالة ضد السعودية والتحدث بصيغة الجمع لتمييع التهم حيث لا يوجد دليل موثق في غالب الأحداث تجاه السعودية بينما الحدود مع طهران كانت مفتوحة لمرور كل شيء دون قيد أو شرط بل أصبح التومان الإيراني هو العملة السائدة في غالب البلاد، المهم أن السعودية عملت جادة على منع تسرب بعض المتحمسين من الشباب للجهاد حسبما يبررونه في صفوف القاعدة هناك إثر ما يسمعونه من تصفيات طائفية مبرمجة واختطاف العراق ضمن المد الإيراني بعد سقوط صدام وتقسيمة بريمر تلك التقسيمة السياسية المشؤومة للتركيبة السكانية العراقية وبناء الكتل السياسية وفقا للمحاصصة الطائفية بما يضمن أجلاء السنة عن مقدمة المشهد السياسي إلى الصفوف المتأخرة وهو ما جاء بالسيد نوري المالكي رئيسا للوزراء وبطريقة مخلة أيضا تجاوزت المعايير والضوابط القانونية التي تحكم الصناديق الانتخابية فقفز الرجل إلى الواجهة ربما لكونه الأقدر من غيره على التجاوب وتمييع الشخصية العراقية بالإذعان للغير، ومن هنا يفهم المتابع لماذا يصر المالكي وهو يصارع البقاء في سدة الرئاسة من جهة قانونية على الأقل أن يحمل الغير تبعات الموقف العراقي العام الذي يأبى الانسلاخ من عروبته أو حتى أن يكون أداة في يد الغير الآن. فالسيد المالكي بتوزيعه للتهم بشأن استمراره في السلطة واتهام قطر والسعودية وتركيا بصياغة خطاب الرفض لاستمراره وحشد التواقيع عليه ووصف الدول الثلاث بـ"محور الشر" بل واتهام دولة قطر تحديداً ببذل 10 مليارات دولار لتغيير الحكم في بلاده متناسياً مواقف قطر ودورها المحوري والتاريخي تجاه العراق قبل وصوله إلى رئاسة الوزراء، إلا أن حيلة توزيع التهم على الغير هي منهج متأصل في نموذج إدارة المالكي منذ اتهام دول الجوار بزعزعة الأمن في بلاده متناسيا دور الميليشيات المنوعة والمرخص لها للتصفيات هناك، إذ ليس أسهل من رمي الكرة في ملعب الغير خصوصا حين يكون الحديث سياسياً، ولكن في حالة العراق وفي شكل قيادة رئاسة الوزراء التي استميلت القوانين لها في بلد كان للتو يزرع بذور الديمقراطية في عهده الجديد فإذا العالم يخذل في أول خطوة ويستمر الخذلان في تحميل الغير مغبة السقوط متناسيا السيد المالكي .. ما بني على باطل فهو باطل.