31 أكتوبر 2025

تسجيل

السعودية وتركيا في مواجهة إيران

16 مايو 2015

في تركيا، تقترب الانتخابات البرلمانية، ويشتد الصراع بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وبين أحزاب المعارضة لاسيَّما القومية منها التي تخشى من تحول نظام الحكم في البلاد إلى رئاسي. وفي الوقت الذي تهتم فيه تركيا بالانتخابات القادمة فإنها تعمل بصمت على توحيد الفصائل العسكرية المسلحة في سوريا وإدارة ملف التنسيق بين المكونات السياسية تمهيدا لجمعها في ثوب واحد يضم أطيافها المتنوعة. يمكن الحديث هنا في إطار من التجاذب الداخلي وتعدد الرؤى داخل مراكز القرار عما يحكى عن صراع بين الرئيس أردوغان وقائد أركان الجيش حول الدور التركي في سوريا بعيد زيارة رئيس الحكومة داوود أوغلو ضريح مؤسس الدولة العثمانية داخل الأراضي السورية. فاهتمام تركيا ينصب على اجتماع وزراء خارجية الناتو في تركيا مؤخراً والذي يهدف إلى مواجهة داعش تزامناً مع بدء البرنامج الأمريكي لتدريب المعارضة السورية المعتدلة داخل الأراضي التركية لمواجهة تنظيم الدولة، وهي خطة تبدو متكاملة لمواجهة التطرف الديني من المنظور الأمريكي إلاّ أن لتركيا تحفظا واضحاً من الإستراتيجية الأمريكية إذ ترى أن رحيل الرئيس الأسد ومواجهة داعش خطان لا يمكن الفصل بينهما وهي مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة إذا قبلت الأخيرة بهذه المعادلة. ولهذا تسعى أنقرة بالتنسيق والتعاون مع دول خليجية إلى توفير بيئة آمنة لحكومة الائتلاف في الشمال على وقع الانتعاش في العلاقة المتجددة مع دول الخليج بعد فترة من التوتر خلال السنوات الثلاث الماضية.التقاطع التركي السعودي في الملف السوري لا يعكس رؤية موحدة تجاه إيران، أنقرة وطهران ترتبطان بعلاقات جيدة نسبياً وهناك اتفاقات تجارية مبرمة لم تتأثر بالتصريحات النارية والعدائية بين البلدين، في حين لا ينطبق الأمر على العلاقات الإيرانية السعودية، فاستهداف إيران هو على رأس أولويات الرياض التي تجد طهران تقف خلف أغلب مشاكل المنطقة، وعلى ما يبدو فإن العداء السعودي لإيران تحول من مناكفات إلى إستراتيجية واسعة متعددة الأذرع وعلى مراحل متنوعة.وتتضح معالم هذه الإستراتيجية شيئا فشيئا بعد أن أعادت الرياض ترتيب أولوياتها الخارجية والتي جاء على رأسها استهداف إيران التي يتمدد نفوذها في اليمن والبحرين وبعض المناطق الشيعية داخل المملكة. ومواجهة النفوذ الإيراني تتطلب وفق الرؤية الخليجية توحيد جميع الجبهات ضدها (في لبنان، اليمن، سوريا، العراق، البحرين..) وعلى كافة الصعد (عسكرياً، سياسياً، دبلوماسياً، إعلاميا، استخباراتيا، اقتصادياً، ودينيا).عسكرياً: من خلال المواجهة المباشرة كما هو حاصل في اليمن، أو توحيد الفصائل المسلحة ودعمها كما هو الواقع في سوريا، ومن ثم الإيعاز للفصائل السورية المسلحة بعدم حضور مؤتمر جنيف إذا حضرت إيران ولم يقم المؤتمر على أسس رحيل بشار الأسد نفسه، وكانت دول خليجية دعمت تأسيس جيش الفتح في القلمون تمهيداً للمعركة مع حزب الله، وتحييد داعش، لكن الجهود فشلت في احتواء الأخير حيث تفجر الخلاف من جديد بينه وبين باقي مكونات جيش الفتح في القلمون، وهو ما أثر على سير المعارك والخطط. سياسياً: توحيد كل المعارضات العربية خلف النظم الحاكمة في مواجهة إيران، فغير مسموح لأي فرد بالدفاع عن إيران في هذه المواجهة.دبلوماسيا: بدأت السعودية تتحدث في دوائر القرار الدولي عن الاحتلال الإيراني لسوريا وليس عن قمع نظام لشعبه كما اعتدنا سماعه سابقاً. وهناك مساع لوضع دول الخليج في خانة حليف لحلف الأطلسي، قد يترجم بتحالف تركي خليجي أمريكي كما يقول جمال خاشقجي في إحدى تغريداته التويترية.إعلامياً: يتمثل في حشد جيش من الكتاب والصحفيين والإعلاميين ضد إيران تزامناً مع إطلاق حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي (تم خلال اليومين الماضيين إطلاق حملة "بث موحد" لمدة ساعتين على أربعين قناة موجهة ضد إيران). وقد يتطور الأمر إلى توفير الدعم المالي والسياسي والإعلامي لعرب الأهواز، أملاً في نقل الحرب إلى داخل إيران وإشغالها بنفسها.لاشك أن الإستراتيجية السعودية تجاه إيران تختلف عن مثيلتها التركية، وهي لعبة صفرية –على الأغلب- فإما أن تنجح السعودية فيها بمهارة وتربح كل ما نويت حصده قبل بدء اللعبة وإما أن تخسر كل شيء، حينها لن يكون بمقدور أحد التنبؤ بما قد تؤول إليه الأمور في الشرق الأوسط كله.