17 سبتمبر 2025
تسجيلحلت أزمة كورونا بين دول العالم واجتهدت كل دولة بحسب قدراتها من أجل القضاء على هذه الجائحة التي حلت ضيفا مزعجا على كافة المجتمعات دون سابق إنذار وأصبحت المنظمات الإقليمية التي تدير بعض المجموعات من الأقطار مثل " المجموعة الأوروبية " التي تأسست منذ عقود لتكوين أحد التكتلات القوية لأوروبا وشعوبها التي وحدها هذا الاتحاد كقوة اقتصادية ضاربة على الساحة الدولية. واستطاعت جائحة كورونا: أن تغير كل هذه الوحدة وقوتها في يوم وليلة.. فلم يكن يتوقع أي شخص في البلدان الأوروبية أن يتحول هذا التجمع إلى مؤسسة فاشلة في توحيد الكلمة والوقوف مع بعض دول المجموعة وقت المحن والشدائد.. فالأزمة الصحية التي أثقلت كاهل شعوب أوروبا لم تكن متوقعة بهذه الصورة وعواقبها.. إلا أن الأمر الذي لم يتوقعه أي شخص أن تتنصل بعض الدول من مساندة بعضها البعض.. ومنها بكل تأكيد " إيطاليا " التي لم تقف معها دول المجموعة بشكل أثار استغراب العالم أجمع قبل الشعب الإيطالي.. ولذا كانت إيطاليا تستغرب من هذا الدور وتغييبها عن اهتمام المجموعة التي تنتمي إليها بوحدة اقتصادية لا مثيل لها في التاريخ؟!. ولهذا: كانت إيطاليا من الدول التي أعلنتها صراحة لا تلميحا بأن الاتحاد الأوروبي لم يعد له أي أهمية بين الشعب الإيطالي.. والسبب أن التبرؤ من الشعب الإيطالي وقت الجائحة جعله ناقما على هذا الاتحاد الذي بات لا قيمة له لأنه أصبح مجرد حبر على ورق؟!. والأمر المذهل في الأزمة: أن الكثير من الإيطاليين قد قام بإحراق علم المجموعة الأوروبية علنا ونشر مشهد الحرق على شاشات التلفزيون لأنه لم يتم احترام إيطاليا وما مرت به من محنة.. فشعبها يموت أمام أعينهم وهم يتفرجون على ذلك دون أي تحرك يذكر لإنقاذ الموقف من الانهيار وموت إيطاليا بشكل بطيء.. وهو الأمر الذي حز في النفوس الإيطالية.. وجعل بقية بلدان العالم الأخرى تتحرك من أجل إيطاليا من الكارثة الإنسانية التي حلت بها فجأة ودون أي مقدمات. قطر كانت سباقة: وقدمت قطر الأنموذج الإغاثي المتميز في هذه الكارثة الإنسانية اذ امر سمو أمير دولة قطر بتسيير طائرات جوية لإنقاذ الشعب الإيطالي بأسرع وقت ممكن وهو ما يؤكد على ان قطر كانت وما زالت تدعم الدول الصديقة وقت الكوارث البيئية.. فقطر " كعبة المضيوم " وأفضالها على الشعوب والدول لا تعد ولا تحصى منذ القرن الماضي وحتى اليوم. يقول أحد خبراء الإعلام: اليوم كما يقول العرب هو يوم الامتحان وفيه يكرم المرء أو يهان حين فوجئت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرون بتفشي وباء الكورونا في أنحاء العالم بأسره وهي ذات العضوية في الاتحاد الأوروبي الذي بدأ في التكوين من ست دول في عام 1957 م فيما يسمى " السوق الأوروبية المشتركة " تحمس لها آنذاك الرئيس الجنرال ديغول كمشروع تجاري لتيسير التجميع التجاري فقط دون وحدة سياسية لم يكن يؤمن بها لا هو ولا ألمانيا ولا بريطانيا ما عدا فقراء الجنوب وهم إيطاليا وإسبانيا و البرتغال واليونان.. وبعد ثلاثة أسابيع من هجوم هذا التسونامي نجد أعلى الرؤوس في دول أوروبا مصابة بالداء.. إنه الامتحان العسير وكيف يهدد بنيان الاتحاد بالسقوط المدوي رغم الإرادة السياسية التي تحرك نخبه فقد انعقد أول اجتماع قمة أوروبية في بروكسل نهاية فبراير بعد أن تفاقم الوباء في إيطاليا وتوجه القادة باللوم إلى حكومة روما على التقاعس والتباطؤ في إعلان حالة الحصار.. ويؤكد: أصبحت أوروبا هي الموبوءة أكثر من سواها.. وقال الوزير الفرنسي الأسبق للاقتصاد (ألن مادلان) بأننا كأوروبيين لا نحتاج للاتحاد الأوروبي بمؤسساته الراهنة المجمدة العاجزة وبنود ميثاقه الفضفاضة وأدواته الثقيلة ولكن فقط نحتاج للبنك المركزي الأوروبي.. الخلاف كبير كما كان عام 2008 بين ألمانيا وشريكاتها الأوروبيات حول دور البنك المركزي الألماني في تمويل العجز وتسديد الأموال للدول الأوروبية الهزيلة.. ويبدو اليوم أن فشل الاتحاد الأوروبي في مواجهة الطارئ المجهول أصبح يهدد وجوده حينما يعاد تشكيل النظام العالمي الجديد تماما.. وسيكون في الصين قلبه النابض الجديد بعد أن يحسم الصراع بين القطبين (أمريكا و الصين) وتنتهي حربهما التجارية العنيفة ولعلمكم فإن مشروع الصين الكبير هو (طريق الحرير) الذي يكرس التعاون بين الأمم بدون حسابات أيديولوجية أو مصلحية. كلمة أخيرة: الشعب الإيطالي وكذلك الإسباني لا يستحقان كل ما حدث لهما عبر جائحة كورونا.. وكان من المتوقع أن تهب المجموعة الأوروبية لتسيير حملات إغاثية وخيرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلا أن الآمال قد خابت ولم تقدم أوروبا أي مساعدة تذكر للشعبين في وقت نزول هذه الكارثة التي لم ترحم أحدا.. حيث مات الآلاف من كبار السن والشباب بشكل يدعو للدهشة والاستغراب.. إنه التفكيك للاتحاد الذي بات يلوح في الأفق خلال أزمة كورونا!. [email protected]