17 سبتمبر 2025

تسجيل

هل حان وقت العودة لبداية السطر؟

16 أبريل 2018

يتعلم الإنسان من تجاربه التي يخوضها دروسا عظيمة يفترض أن يختزنها ضمن معارفه وخبراته، ليستفيد منها في تقييمه لما هو آت من الحوادث والظروف. من المنطقي انعكاس الخبرات الفردية على سلوك جمعي مجتمعي وخصوصا في التجارب القاسية عندما ندفع ثمنا باهظا لها أرواحا وخرابا وثروات مهدرة.. وهو ما مر به العراق ولأكثر من مرة. قد تفشل الأمة في التعلم من بعض دروسها خصوصا إن كانت الأمة جاهلة أو متدنية الوعي والثقافة أو طغت عليها السلبية الاتكالية، فتعاد عليها الدروس مرة بعد أخرى وتدفع نفس الثمن لأنها سارت بنفس الخطوات فكانت نفس النتائج. يعتقد أصحاب صنعة الحرف أن الانتهاء من موضوع من كتاب أو جزء من قصة يوجب اختتامه بنقطة والعودة لرأس سطر جديد للانتقال لفكرة جديدة أو مرحلة جديدة في قصتنا وموضوعنا فنحاول تغيير مسار الأحداث لما نريده كمؤلف وكاتب. كبداية جديدة لمرحلة مختلفة من القصة وأحداثها المستقبلية. لكي تنتقل الأمة من وضع حالي إلى مرحلة بداية جديدة تحتاج لحدث ليس عاديا، وظروف "زمكانية" تتيح لها الانتقال والبدء بالتغيير. ويسبق كل ذلك وجود رغبة وإرادة حقيقية لإحداث التغيير وهو أمر ذاتي يمكن التحفيز عليه والدفع باتجاهه لكن لا يمكن أن نوجده من العدم إن لم تمتلكه الأمة كأفراد وروح جماعية. مر بالعراق ظروف عصيبة ومتتالية كل واحدة منها كافية لتعيها "الأمة العراقية" وتتعلم منها دروسا كبيرة وقاسية لكن معظمها مر علينا كالسحاب وتم نسيانها بمجرد انقضائها. وعدنا لنخوض تجربة جديدة أقسى من سابقتها. رغم أن الانتخابات واحدة من أهم وأوضح آليات العمل الديمقراطي التي تمكن المواطن من تعديل خياراته ومعاقبة الفاشلين والفاسدين. لكننا وبكل سذاجة لم ننجح في الاستفادة من تلك الفرصة بل ونعمل على إفشالها والتشكيك في فاعليتها متعمدين أو ربما دون أن ندري أو نعي ذلك. رغم كل الملاحظات التي نمتلكها كلنا عن العملية السياسية والانتخابات وما يرافقها من تسقيط وتلاعب ربما وأخطاء فنية أو غيرها لكنها الآلية الوحيدة المتاحة لنا بما يمنع وجود دكتاتورية مرة أخرى ويمكن أن يسمح بتداول السلطة وتغيير الفاشلين. ارتكاب الأخطاء طبيعة بشرية وهو أمر طبيعي لمن يعمل ويمارس الحياة ومسؤولياتها لكن الإصرار على الخطأ وعدم وجود رغبة حقيقية لدينا بالتصحيح والانتقال لبداية سطر جديد وكتابة شيء مختلف في قصتنا هو غاية في الفشل.