17 سبتمبر 2025

تسجيل

اللهم اهْدِ قومي فإنهم لا يعلمون

16 أبريل 2015

عندما تُتهم حماس التي قصفت تل أبيب والتي تجسد أنصع وأنظف وأشرف ظاهرة مقاومة عربية وإسلامية عرفها التاريخ الحديث .. عندما تتهم بأنها تخون شعبها وتتواطأ مع عدوه وتصير موضع تحريض ليل نهار على ألسن رموز منظمة فتح وسلطتها والمتلزقين بها ويراد أن تكون هذه الفرى ثقافة عامة تبث في وسائل الإعلام الرسمية .. ثم يتكرر ذلك .. في هذه الحالة وفي مقابل هذه الثقافة البائسة المركبة من الكراهية والكذب والفتنة يصير جديرا التذكير بطائفة من أخبار وانفلاتات وانقلابات منظمة فتح وسلطتها التي ينتسب لها هؤلاء ويتحدثون باسمها ويعبرون عن ثقافتها .. وأقول دون أن أتعرض لأخطائها بميزان الخلق والدين والانطباعات العامة - رغم أهميتها - ولا بأخبار الآحاد أو الأحداث الخفية والتسريبات ولا بالخصوصيات والفرديات التي قد تُتهم بعدم العمومية أو بعدم الثبوت .. .. أقول : منظمة فتح .. هي التي رفضت الانتفاضة الأولى متوهمة أنها مصنعة لتخريب مساعي المؤتمر الدولي للسلام الذي كانت تعول عليه وتروج له منذ خمس سنوات قبل الانتفاضة وبعد الخروج من بيروت في 82 .. هذا الرفض كان على لسان عرفات نفسه – رحمه الله - بعد 21 يوما من انطلاقها وفي مقابلة مصورة بثها تلفزيون أبو ظبي في نشراته الرئيسة ؛ أما تبنيهم لتلك الانتفاضة فلم يكن إلا بعد أن ثبتت واستمرت وبدأت ترسم معالم فلسطينية جديدة . ومنظمة فتح هي التي اعترفت بالقرارين 242 ، 338 اللذين كان رفضهما أحد تابوات – ثوابت - القضية الفلسطينية حتى حينه .. الأخطر اللافت هنا أن هذا الاعتراف قد جاء بعد بداية الانتفاضة بشهور وفي ظل تأجج الانتفاضة وانفتاح طموحات وآمال حقيقية للتحرير .. خطورة هذا الاعتراف ليس يُنقَد بخطئه فقط ولكن بما أوحى إليه من أن فتح تحاول تجيير الانتفاضة لنفسها فقط وأنها تعرض نفسها على العدو كشريك سياسي أقرب وهو ما يمكن توصيفه بالانقلاب على القضية والشعب وانتفاضته ودمائه . ومنظمة فتح هي التي انقلبت على مفاوضات حيدر عبد الشافي فوقّعت اتفاق أوسلو المشؤوم بالخفاء عنه وعن الشعب ودون مشاورة الفصائل ولا إجراء استفتاء عام كان يُظن أنهم سيلجأون إليه لتمرير أي تفاهم . ومنظمة فتح هي التي وقّعت اتفاقات متعددة لاحقة لأوسلو كاتفاق واي ريفر ( بخصوص الخليل ) وكان أول بند في كل هذه الاتفاقات دائما تأكيد الحرب على المقاومة واستمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال . ومنظمة فتح هي التي رعت الانقلاب على عرفات عندما خرج عن مسار التطبيع والتطويع آخر ثلاث سنوات من حياته .. ثم لم تكن جادة في يوم من الأيام بعد اغتياله في المطالبة بدمه أو في البحث عن قاتله أو القصاص له كما فعلت حماس والجبهة الشعبية لمقتل قادتها . ومنظمة فتح هي التي انقلبت على الانتخابات التشريعية 2006 وعوقت حكومة الوحدة الوطنية ثم انقلبت عليها .. وما تبع ذلك من إثارة الفتنة في الضفة وغزة واحتلت ميليشياتها المجلس التشريعي وخطفت أبناء خصوم سياسيين قبيل طامة تشكيل فرق الموت في غزة وسجل التاريخ أن القائد الأعلى لفتح يأمر قائد القوة التنفيذية فيها وأمام شاشات التلفزة ؛ يحرضه على حماس والمقاومة بقوله ( اذبح ) وقوله ( أي واحد بيشوف أي واحد حامل صاروخ يضربه يقتله يطخه .. امنيح هيك !! ) . ومنظمة فتح هي التي أعلن قائدها ورئيسها على فضائية ( صوت البلد ) المصرية قبيل العدوان الأخير بشهر تقريبا بأنه الذي دفع مصر إلى حصار غزة والذي يرفض كل محاولة لفكه .. ( باعترافه نفسه وبلسان مقاله فوق لسان حاله ) . ومنظمة فتح هي التي تآمرت على غزة ومقاومتها في حروب العدو 2008 ، 2012 ، 2014 بما فيه وضع ترتيبات ميدانية مع العدو كشفتها التحقيقات الأخيرة المعلنة والتي اطلعت عليها الفصائل الوطنية ما خلا منظمة فتح التي ترفض أن تواجه التهمة أو تردها عن نفسها أو تتخلى عن المتهمين فيها . ومنظمة فتح هي التي خربت الوفد المفاوض في مصر بعد العدوان الأخير 2014 وأصرت على اعتبار المطار والميناء من عناوين الوضع النهائي ، بما أسقط في يد حماس وترتب عليه تعويق التفاوض ويرقى لأن يكون انقلابا على الموضوع والمطالب الفلسطينية الاستراتيجية .. ومنظمة فتح ومن خلال سلطتها وأجهزتها الأمنية هي التي تمنع أي بادرة فعل سياسي أو ميداني لإطلاق انتفاضة ثالثة وآخر ذلك ما يجري الآن في الضفة من اعتقالات حتى لمن يتكلم كلاما عن المقاومة الشعبية خارج أطر المسموح الضيق وخارج نسق الدعايات الكلامية والاستهلاك الإعلامي . آخر القول .. بالضرورة ليس الهدف المناكفة وكنت أتمنى ألَّا ننجر إلى مساجلات كهذه، ولولا ما يطالعنا به القوم وقادتهم ومتحدثوهم من تزييف للوعي وتخريب للسلم الوطني وادعاء للمظلومية لما كتبت فيه أسودَ في أبيض .. وسأظل أدعو ( اللهم اهْدِ قومي فإنهم لا يعلمون ) .