01 نوفمبر 2025

تسجيل

كيف تربي طفلك ؟

16 أبريل 2014

الناس على اتجاهات متباينة في وسائل التربية، منهم من ترك الأمر على غاربه فانفلتت زمام الأمور من يده تماما، وحجته "دع الطفل يصطدم بأمور الحياة ودع الحياة تربيه، لا تضع له أنظمة تعقد حياته، فقد نشأنا في بيئة صارمة جدا و لا نريد أن تنتقل تلك الصرامة إلى أولادنا بشكل أو بآخر" وهذا في الحقيقة ما أسمعه من بعض الآباء ولا شك بأنه خطأ في تربيته هو بالأساس، حيث يجعل ابنه يدفع فاتورة ما مر به، فيدفع فاتورة الإيذاء والعقاب والحرمان الذي عاشه، ولكن ذلك الشخص سيدفع فاتورة أخرى من طريقة هذه التربية لا حقا في تصرفات ابنه. قد تجد بعض الآباء أحيانا يعتمد أسلوب الانضباط الصارم، وأحيانا يكون سبب ذلك الانضباط من شخصيته الوسواسية القلقة، وهذه الطريقة إشكاليتها أنها تجعل الطفل هامشيا، وتهدم عنده التلقائية، بينما الطريقة الأولى في التساهل تمنحه التلقائية، ولكنها تجعل الطفل غير قادر على اتخاذ القرار ومتردد اتجاهه، ومن هنا ندرك بأن كلتا الحالتين لا تفلح في إنشاء جيل يعتمد عليه.هناك طريقة أخرى يتبناها بعض الآباء في التربية، وهي معاملة الطفل حسب مزاج المربي، فإن كان متعب من عمله يصبح شديد مع أطفاله، وإذا كان مرتاحا أصبح ليناً معهم، أو بحسب تقلبه المزاجي الحياتي. والطريقة المثلى في ظني أن يُفتح المجال أمام الطفل للتلقائية، ولكن مع وضع حدود وأطر واسعة المدى، وفيها من المرونة درجة كافية، وهي الأنسب في رأي لأنها تنشأ طفلا منضبطا لا معقدا ولا خائفاً، طفلا تلقائيا لا متمرداً لا متزمتاً.هناك قواعد الانضباط الأساسية التي علينا أن نتعلمها قبل أن نبثها أولادنا، بأن نحقق هذا النمط من التربية على أرض الواقع بالقدوة، وأن يكون الأب أمام أطفاله تلقائيا وبسيطا ومنضبطا في ذات الوقت، فتكون هذه هي المعيارية في الحياة، وكما قال أبو بكر للناس وعمر من بعده "قوموني إن أنا أخطأت".الطفل يحتاج إلى فترة زمنية كافية حتى يتشرب تلك التربية على مهل، فتترك فيه الأثر الطيب الذي يؤتي ثماره عندما يكبر، فالطفل علاقته بالحياة علاقة استمتاع، بينما نحن علاقتنا مع الحياة هي الواقعية وبناء المستقبل ومصلحة المجتمع، وهنا لا بد أن ندرك بأن مرجعتينا في التفكير مختلفة تماما عن أطفالنا، وحتى ينتقل الطفل من هذه المرجعية إلى تلك يحتاج إلى مدة زمنية كافية، ويحتاج لبرنامج تربوي، بحيث نسهل إقباله عليها دون تسرع أو غلو، وهذا نسق كوني وفطرة يجب أن نحترمها، وإلا فإنك لن تستطيع أن تنقل طفلك من اتخاذه الحياة لعبة إلى الواقع الذي يجب أن يحيياه عاجلا أو آجلا. إن لكل مرحلة عمرية من المراحل متطلباتها النفسية ومتطلباتها الغريزية، فإن لم تُشبَع الغرائز لدى الطفل فلن ينمو غريزياً، وإن لم تُشبع متطلبات النفس لن ينمو معرفياً، وأنا لا أقول كلاما معقدا أو غير مفهوم، وإنما هذه قواعد وأساسيات يجب أن نحققها، ونسعى جاهدين لإرسائها في نفوس أولادنا، وإلا فلن نستحق أن نربيهم. يجب أن نشعر الطفل بالحب ونقبل مرحلية النمو عنده، ونفرح مما يأتي من هذا الطفل مهما كان، ولا نتضايق مما لا يأتي، ولا نقارنه بغيره بأي شكل من الأشكال، لأن مقاييسنا تحسب بالدقائق، بينما مقاييس الطفل ربما بالأسابيع، كما أنها تختلف من طفل إلى آخر. الطفل سيعطيك بمقدار ما يحبك، ولكنه سيعطيك أيضا بمقدار معرفتك وما الذي تريده أنت، إذا أحبك وأنت صاحب معرفة أعطاك ما تحبه بل وعرف ما تحبه وقدمه لك على أرض الواقع بشكل جيد، أما إذا أدرك أنك لا تعرف ما تريده فإنه سيسقط في شيء من الحيرة، ولن يدري بالتالي إلى أين يتجه، فيجب أن ننمي أنفسنا معرفياً ونقبل بنمو أطفالنا نفسياً، ونقبل المرحلية والتدرج الطبيعي الذي هو جزء من الكون لأولئك الأطفال، حتى نحقق الراحة في حياتنا، ونتعلم من المهارات النفسية قدر ما نستطيع لبلوغ الفلاح الذي تصبو إليه كل لنفس بشرية.