15 سبتمبر 2025

تسجيل

إعدام الرهينة الإيطالي في غزة وحماقة المتشددين

16 أبريل 2011

يقال إن الإمام أبو حنيفة رحمه الله دخل على الإمام جعفر الصادق رحمه الله، فقال أبو حنيفة له: أوصيني يا إمام، فقال له الإمام جعفر: "إياك ومصاحبة الأحمق يريد أن ينفعك فيضرك". فلا خطورة على المرء من الأحمق حتى لو أظهر الحب والمودة.. ربما هذا ما ينطبق على ما يسمى بالحركات السلفية الجهادية المتواجدة داخل قطاع غزة من أصحاب المسميات الكبيرة: "جيش الإسلام"، "التوحيد والجهاد " وغير ذلك فلا أضر ولا أخطر على أهل غزة من هؤلاء، حتى إن الحصار الذي يضربه الاحتلال الإسرائيلي على غزة ومن بعده الحرب التي شنها عام 2008 وما يرتكبه يوميا من جرائم بحق مليون ونصف مليون فلسطيني في القطاع لم يستطع أن يؤثر على عزيمة ونضال وصبر أهل غزة بمثل ما تؤثر أفعال هذه الجماعات التي تدعي زورا وبهتاناً انتماءها للفكر السلفي القائم على إحقاق الحق وإزهاق الباطل وتطبيق العدل حتى مع المخالف في الدين والفكر.. وهنا أريد أن أسأل هل باستطاعة الاحتلال أن يشوه النضال الفلسطيني والمقاومة الإسلامية بقدر ما أقدمت عليه مجموعة من الموتورين ممن يقولون إنهم ينتمون إلى الفكر السلفي الجهادي من إعدام شاب إيطالي شنقاً لم يأت زائراً ولا سائحاً إلى غزة بل جاء مناصراً ومتضامناً مع أهل القطاع. فقد وصل ناشط السلام الإيطالي فيتوريو أريجوني (36) عاماً في أغسطس 2008 على متن قارب، جلب إمدادات إنسانية سمحت إسرائيل بدخوله إلى قطاع غزة وبقي الرجل في غزة حتى مقتله وهو يعمل صحفي ومدون يُسلط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني. وأريجوني ثاني أجنبي يختطف في غزة منذ اختطاف مراسل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الآن جونستون الذي احتجز لمدة 114 يوما على يد جماعة جيش الإسلام التي تستلهم نهج تنظيم القاعدة، وقد أطلق سراحه عام 2007. وقد بررت الجماعة المتشددة خطف أريجوني بأنه "ما دخل ديارنا إلا لإفساد العباد والبلاد ومن وراءه دويلة الكفر إيطاليا"، وذلك في نص مكتوب مرفق بتسجيل مصور يظهر فيه أريجوني على موقع يوتيوب YouTube معصوب العينين ودماء حول عينه اليمنى ويد تجذب رأسه إلى أعلى ليواجه آلة التصوير. إذ طالب الخاطفون حكومة حماس "بالإفراج التام عن جميع معتقلي السلفية الجهادية وعلى رأسهم الشيخ المجاهد هشام السعيدني"، مقابل الإفراج عن الرهينة الإيطالية، وقد ضربوا لذلك موعداً محدداً إلا أن إيهاب الغصين الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة قال إن الخاطفين كانوا يعتزمون من البداية قتل ضحيتهم لأن الجريمة حدثت بعد فترة قصيرة من اختطافه حتى قبل انتهاء المدة المضروبة للإفراج عن زعيمهم. ورغم أن شخصاً ادعى أنه "إياد الشامي – منسق عام الجماعة السلفية في غزة" قال خلال مداخلة مع قناة العربية في الخامس عشر من الشهر الحالي أي بعيد ساعات من إعلان مقتل الرهينة الإيطالي من أنه تم التواصل مع جميع العلماء الذين ينتمون إلى التيار السلفي في غزة وقد ناقشوا موضوع اختطاف ومقتل الإيطالي وأنهم خرجوا بالإجماع على أن هذا العمل لا يجوز ولا علاقة له بديننا الحنيف، إلا أن ذلك لا يمنع من أن يكون أحد ممن ينتمون إلى هذه التيارات قد أقدم على هذا العمل فليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الأفعال، كما أن أفراد هذه التيارات غير منضبطة فكريا ولا تنظيمياً وهي سرعان ما تنقسم على نفسها وتتشظى إلى كيانات وتنظيمات جديدة. ومن نافلة القول إن هذا العمل الجبان يخدم إسرائيل في نشر الفوضى والتسويق في الغرب أن قطاع غزة مكان غير آمن ولا يمكن الثقة بمن فيه فضلاً عن أن ذلك يعرض المزيد من بعثات التضامن للخطر مثل الأساطيل التي حاولت كسر الحصار البحري الإسرائيلي على غزة لاسيَّما ونحن على موعد مع قافلة جديدة من أسطول الحرية حيث يعتزم نشطاء دوليون إرسال ما يصل إلى 15 سفينة أواخر الشهر المقبل في تحد للحصار المضروب على القطاع في الوقت الذي بدأت الخارجية الإسرائيلية التحرك لدى الدول الأوروبية لمنع رعاياها من المشاركة في الأسطول خوفاً على حياتهم.. فمن كان يخدم هؤلاء الخاطفين؟ هل كانوا يخدمون تطبيق الشريعة التي يدعون إليها في قطاع غزة؟ النتيجة التي تترتب على هذا العمل وقبله اختطاف مراسل البي بي سي هو نشر الفوضى والانفلات الأمني وتقليب المجتمع الدولي على غزة وفصائل المقاومة، أياً كانت نوايا هؤلاء الخاطفين التي لا تبرر هذا السلوك غير السوي وغير الإنساني والذي يتبرأ منه كل دين، فما علاقة أخذ شخص رهينة والتهديد بقتله في حال لم يتم الإفراج عن شخص آخر لا علاقة تجمع بينهما؟