18 سبتمبر 2025
تسجيلعنوان آخر للرجال نأتي عليه، فالرجال لا يُعرفون بالشكليات وبالمظاهر، ولا بكثرة السفر والتباهي بها على منصات التواصل وفي المجالس، ولا بـ"الكشخة والرزة"، ولا بالأرقام المميزة على سياراتهم وأرقام هواتفهم، ولا بالتكبر والتعالي و"النفخة" على الناس، ولا بالشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات الفضائيات، وإنما بعنوان حُسن الخلق وأدب التعامل والذوق الرفيع. فعندما نمنح هذا العنوان حقه من الحديث، فهو ليس من باب طلب المثاليات، كما يقول البعض عندما تسمعه منهم عن الحديث عن الأخلاق والقيم والالتزام بها هو من المثالية، ونحن الآن في عصر المصالح والأنانية والمظاهر والتهافت وراء المناصب والتفاخر بها، هذا ديدن وعنوان الرجال-ولا نعمم-، وهو عنوانهم الذي يُستدلون عليه. ونجاح الرجال يبدأ بحُسن الخلق والتواصي به والتسابق عليه في مساحاته المتعددة، وما أجملها من مساحات!، هذا هو العنوان الرئيسي الدال عليهم، أما غير ذلك فسيمضي ويرحل، ويبقى لهم الذكر الحسن الطيب، وما كانوا يتصفون به من أخلاق وقيم، وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين "الدين كله خلق، فمن زاد عليك في الخلق، زاد عليك في الدين". ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم حين أتى على هذا المعنى الذي يدل على عنوان الرجال، إذ قال: فَإِذَا رُزِقْتَ خَلِيقَةً مَحْمُودَةً فَقَدِ اصْطَفَاكَ مُقَسِّمُ الأَرْزَاقِ فَالنَّاسُ هَذَا حَظُّهُ مَالٌ، وَذَا عِلْمٌ وَذَاكَ مَكَارِمُ الأَخْلَاقِ وَالمَالُ إِنْ لَمْ تَدَّخِرْهُ مُحَصَّنًا بِالعِلْمِ كَانَ نِهَايَةَ الإِمْلَاقِ وَالعِلْمُ إِنْ لَمْ تَكْتَنِفْهُ شَمَائِلٌ تُعْلِيهِ كَانَ مَطِيَّةَ الإِخْفَاقِ لَا تَحْسَبَنَّ العِلْمَ يَنْفَعُ وَحْدَهُ مَا لَمْ يُتَوَّجْ رَبُّهُ بِخَلَاقِ فلا تأسَ إذا لم يأتِ الرجال على الأخلاق والقيم ومعالي الأمور، فلا بكثرة المال يُعرف به الرجال كعنوان، ولا بالمنصب يُشار له كعنوان للرجال، ولا بالمكانة الاجتماعية يُستدل به على الرجال كعنوان. وكل عنوان لا يحدثك وينبئك عن الأخلاق الحسنة للرجال في حركة الحياة، فلا حاجة لك أن تعرف هذا العنوان وتستدل على أصحابها مهما كانت منزلتهم، وعلت مناصبهم ونفوذهم، وكثرت أموالهم وزاد ثرائهم. وباختصار فعنوان الرجال ما هو إلاّ بالتوجيه والإرشاد النبوي الكريم، فعن أبي ذر ومعاذ رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" وخالق الناس بخلق حسن"، إنه عنوان كبير للرجال في ميدان التعامل مع الأخرين، وقاعدة أساسية في حركة الحياة، وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً". فهل بعد هذا العنوان من عنوان يُعرف به الرجال؟!. ◄ "ومضة" فيا أسفاً على الرجال إذا أضاعوا عنوانهم! لَعَمْرُكَ ما ضاقَتْ بِلاَدٌ بأَهْلِهَا ولكنَّ أَخلاقَ الرِّجالِ تَضيقُ [email protected]