14 أكتوبر 2025

تسجيل

بواعث المؤسس والوريث

16 مارس 2014

إن الشرارات الأولى في ذهن المؤسس هي نجدة الأمة أو إنقاذها.. عندما يفكر المرء في إنشاء شركة أو مؤسسة.. فإنه ينظر لما يحتاجه السوق أو ما ينقص السوق أو ما قد يكون حاجة للسوق لا أحد يقوم بها.. شيء قد يفيد الناس أو يفيد السوق أو يفيد رجال الأعمال أو شيء يفيد الأعمال.. مما قد يخفض الكلفة أو يرفع الجودة أو يرضي ميول المستهلك.. أما المبادرون فإنهم ينظرون لما تحتاجه الأمة فيقويها ويؤمنها. البعض يرى أن تحديث فكر الأمة وتطوير أساليبها أصبح ضرورة، فيقوم من قام من أجل رفعة الأمة كل على سجيته ورؤيته، كل حسب معرفته وقدراته وخبراته.. يقدم ما ينفع الأمة في حاضرها ومستقبلها، وحسب الجهد والجهاد تأتي النتائج، فالكاتب يكتب والمهندس يجتهد. والمؤسسون هم من يضعون اللبنات الأولى لبناء كيانات إما توحيدها أو بناء مؤسساتها.. كل حسب قدرته وزمانه ومكانه.. أما بواعث الوريث هي الحصول على أكبر قدر ممكن مما تم إنشاؤه، وما يعتقد أنه حقه اكتسبه لأن المؤسس قام بهذا، ولكن المنطق السليم هو أن ما قام به المؤسس لابد أن يجدد مع مرور الزمن ولابد أن يحدث مع مرور الوقت، ولابد للوريث أن يثبت أنه قادر على القيادة.. أما الصرف من رصيد المؤسس فإنه لن يطول، فإن كان مؤسسة فلابد أن القرارات الضعيفة وأسلوب إدارته سوف ينعكس عليها، فإن كان همه الصرف واللعب فإنه لابد سوف يرى أن المؤسسة قد تهاوت وأفلست، وإن كان نظام دولة فإن عدم إشراك الشعب واختيار الأفضل في إدارة الدولة.. فإنه لابد أن تنحسر قدرات وإمكانات ذلك النظام مع مرور الأيام، وإن كانت خيارات الوريث لا تسمح للنظام بالتطور والتحديث فإنه لابد أن النظام سيتهالك ويندثر، كما تهالكت الأمم والدول من قبل، هو مجرد وقت.. ولذلك فإننا في القطاع الخاص أو قطاع الأعمال ننادي بتحويل المؤسسات العائلية إلى مؤسسات عامه، لعلها تحصل على الموضوعية والمهنية والحرفية في الإدارة، بعيدا عن الوريث الذي قد لا يكون الأصلح لإدارة الشركة، وبعيدا عن الدوافع النفسية من غرور إلى صلف إلى تكبر إلى تجبر إلى إقصاء من لا يرغب بهم إلى تكون البطانة غير المنتجة، وتلافي عدم قدرة الوريث وضعف إمكاناته أو أي خلافات أسرية لا علاقة لها بالمؤسسة.. هناك أمثلة لرجال مؤسسين أكملوا روح التأسيس بعد المؤسس الأول، فكان المؤسسون الجدد حيث جددوا الدولة ورفعوا مكانتها بين الدول وقدموا في الداخل والخارج ما يعتبر تأسيسا للدولة الحديثة مثل قطر، ولكن لا نرى ذلك في المحيط الخليجي أو العربي، بل نرى أن عجلة الزمن تتراجع للوراء، فمن جمهوريات مورثة إلى أنظمة تحاصر المواطن بعد أن كانت ترعاه، فالأفضل هو الحفاظ على كيان المؤسسة والدولة والنظام من خلال العمل على تحصيل أفضل القرارات، وليس المحافظة على الوريث في الإدارة لأن وجود الوريث وبواعثه وقدراته تختلف كل الاختلاف مكانيا وزمانيا عن بواعث وقدرات المؤس.. ومع مرور الزمن يجب أن يعي الوريث أن الهدف هو استمرارية الكيان المنشأ وليس المحافظة على الوريث. فمن مصلحة الوريث استمرار النظام والمؤسسة.. لكي يستفيد وليس العكس. حيث إن تمسك الوريث بالإدارة أو القيادة قد يعني تدهور الدولة أو النظام أو المؤسسة، فليس هناك ضمان أن الوريث يملك المفاهيم والبواعث التي سخرت ومكنت المؤسس من تحقيق حلمه. فبواعث المؤسس وبواعث الوريث لابد مختلفة، كل الاختلاف، لأن هذا بدأ من نقطة الصفر ونذر نفسه، وهذا بدا من نقطة التخمة ولم ينذر نفسه إلى التمسك بما ورثه، ولذلك لابد أن النتائج مختلفة فإن كانت النجاح في الأولى فإن النجاح في الثانية عند الوريث غير واضح البتة، فجمال عبدالناصر لم يلحقه أبناؤه وخالد بن الوليد ولا أبوبكر ودولة الأمويين ولا دولة العباسيين.. إذًا لابد من وجود نظام يحفظ للأمة كيانها ويحفظ للمواطن والمقيم أمنهما.