13 سبتمبر 2025

تسجيل

14 آذار في ذكراها الثامنة

16 مارس 2013

تحتفل قوى 14 آذار في لبنان بذكرى ولادتها الثامنة في وقت بالغ الحساسية داخلياً وإقليمياً. ففي لبنان وضع أمني يتردى يوماً بعد يوم، ونار الاضطرابات في سوريا تصل ألسنتها لجميع المناطق المتاخمة للحدود مع سوريا، فضلاً عما يحكى عن تورطات لقوى سياسية لبنانية في سوريا..ليس بعيداً عن هذا وذاك الصراع السياسي القائم حول قانون انتخابي تخوض عبره القوى السياسية اللبنانية الانتخابات النيابية القادمة.. الذكرى مصحوبة هذه المرّة بأحمال ثقيلة كادت تودي قبل أيام بالتحالف القائم بين مكونات 14 آذار الداخلية.. مُفجّرُ الخلاف جدلٌ أثير حول قانون انتخابي يعطي لكلّ طائفة الحقّ في انتخاب نوابها.. مسيحيو 14 آذار وجدوا أنفسهم في اصطفاف طائفي إلى جانب خصمهم المسيحي ميشال عون في حفظ حقوق الطائفة بالمناصفة السياسية، خلافاً لموقف تيار المستقبل الذي يعلي من شأن المواطنة على الحسابات الطائفية. سنوات تمر منذ العام 2005، تاريخ ولادة قوى 14 آذار، تتنقل خلالها هذه القوى بين الحكم والمعارضة.. ويوم هبّت نسائم الانتفاضات على العالم العربي، خرجت قياداتُها، تقول زاهيةً: إن ثورة الأرز هي من ألهمت الشعوبَ العربية ربيعَها.. "لبنانُ أولاً" شعار رفعته هذه القوى لتقول: إن لبنان للّبنانيين ولا يجوز لأحد من الخارج أن يتدخل به، كما لا يجوز لأولاده أن يتدخلوا في أي بلد آخر.. لم يصمُد الشعارُ طويلاً. ربما هو قدَرُ لبنان ضمن محيط معقد ومتشابك، وربما هو الامتداد الإيديولوجي والديموغرافي لكثير من شرائحه بما هو عابر لحدوده. خلافاً لقوى 8 آذار التي لم تشهد تفككاً بين مكوناتها، تعرضت قوى 14 آذار التي تشكلت لضربات متعددة، بدأت باغتيالات عدد من نوابها، وصولاً إلى خروج أحد أقطابها منها، رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط.. تلاها إسقاط حكومة سعد الحريري التي تشكلت بعد انتخابات 2009 بعد أن يستقيل ما يزيد على ثلث وزرائها بضغط من حزب الله وحليفه ميشال عون..عقب ذلك تنجح 8 آذار في تشكيل حكومة جديدة، وتتحول 14 آذار إلى المعارضة.. لم يكن أداؤها في المعارضة بأفضل مما كانت عليه في الحكم، فلم تنجح في إسقاط حكومة نجيب ميقاتي، وهي التي تعهدت بإسقاطها. ثم جاء الخلاف بين أحزابها حول قانون الانتخاب الذي أوصل الجبهة إلى حد التصدع لولا خوف جميع مكوناتها على مستقبلهم فيما لو تفرقوا.. ما هو التحدي الذي يواجه 14 آذار بعد أن تخطت العثرات التي واجهتها عبر مسيرتها؟ أظن التحدي هو في الحصول على أغلبية البرلمان القادم إذا نجحت الضغوط الداخلية والخارجية أن تمنع مشروع التمديد للبرلمان الحالي بانتظار ما ستسفر عنه الأحداث في سوريا. ولا يخفى على أحد أن لا مستقبل لقوى 14 آذار إذا فشلت في الحصول على الأغلبية البرلمانية القادمة أياً كان قانون الانتخاب الذي سيحكم قواعد اللعبة القادمة. 14 آذار تخطط في حال حازت الأغلبية البرلمانية أن تنفرد بتشكيل حكومة من فريق واحد عملاً بما قامت به قوى 8 آذار بعد أن أجهضت حكومة الحريري نهاية العام 2010 وشكلت حكومة ميقاتي التي لا تزال تكافح من أجل بقائها رغم الصراعات بين مكوناتها السياسية والتي انعكست بشكل واضح في موقف وزير خارجيتها عدنان منصور في اجتماعات الجامعة العربية مؤخرا، حين دعا منصور إلى إعادة مقعد سوريا في الجامعة إلى النظام السوري. ستكون حكومة 14 آذار أول حكومة ترفض أن تعترف في بيانها بسلاح حزب الله كما درجت العادة في الحكومات المتعاقبة على إعطاء سلاح حزب الله الشرعية بتصنيفها سلاحا للمقاومة، وهو ما يترتب عليه إجراءات قانونية كثيرة. لا أعتقد وفق هذا السيناريو أن حزب الله سيسمح لحكومة أيا كان لونها في تجريم سلاحه، في حال فشل أصلاً في التأثير على تشكيلها ولونها. ومن هنا فإن السيناريو الأكثر توقعاً هو إجهاض الانتخابات القادمة وتمديد المجلس الحالي إلى أجل غير مسمى.. وإلى حين حلول حسابات الصندوق الانتخابي يوماً ما، على قوى 14 آذار أن يبقى تماسكها على مستوى التحديات الداخلية والخارجية، وهي تعرفها جيداً.