16 سبتمبر 2025
تسجيلللديمقراطية فوائد اقتصادية كبيرة إذ ترتبط مباشرة بالحريات واحترام حقوق الإنسان. فالديمقراطية تعني واقعيا التغيير الذي من المفترض أن يؤدي إلى احترام حقوق الإنسان وحرياته. تعاني المنطقة العربية من ضعف التنمية الإنسانية التي هي أساس التطور والتقدم. هنالك عدة أسباب تبرر ضرورة تطوير التنمية الإنسانية، وهي أولا أنها تضع الإنسان في صلب اهتمامات الحكومة والدولة وثانيا تساهم في رفع إنتاجية المواطن والعامل تحديدا. فالإنسان المنتج هو الذي يتمتع بكافة حقوقه الاجتماعية، وما الأمثلة القليلة المعاكسة إلا مؤقتة حكما. فالصين مثلا أصبحت تعي هذا الواقع، وها هي تبدأ بالاهتمام أكثر بمواطنيها حتى لو أدى ذلك إلى خسارة بعض من نموها السنوي القوي. تخشى الصين الهند التي تتطور بسرعة ضمن هوامش التنمية الإنسانية الحقيقية المرتكزة على التعليم والديمقراطية. من المتوقع أن تحصل الهند قريبا على المركز الاقتصادي الدولي الثالث، فتسبق اليابان المنكوبة أكثر فأكثر بكوارثها الطبيعية المؤلمة. تؤدي التنمية أيضا إلى توعية الإنسان على حقوقه وواجباته ومستقبله وبالتالي تساهم في تخفيض نسب الإنجاب، تماما كما حصل منذ قرون في المجتمعات الغربية. تؤدي التنمية الإنسانية إلى المحافظة على البيئة والسعي إلى تخفيض نسب الفقر والاهتمام بالفقراء. تساهم في إنشاء مجتمع مدني حيوي يساعد في تثبيت الاستقرار الاجتماعي الضروري للاستقرار السياسي. فالحكومات الواعية هي التي تهتم بمؤشرات التنمية الإنسانية التي أسهم الاقتصادي الهندي “أمارتيا سن” Sen في وضعها منذ عقود ونال بسببها جائزة نوبل للاقتصاد لسنة 1998. تنبه تقارير التنمية الإنسانية للدول العربية التي تصدر عن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة إلى ضرورة احترام حقوق وحريات الإنسان وتعطي الحلول والتوصيات. قال تقرير سنة 2002 إن هنالك 3 أسباب أساسية لانتشار الفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وهي الافتقار إلى الديمقراطية، تدني مستويات التعليم وعدم المساواة بين الجنسين. السبب الأول واضح جدا ويرتبط بقدرة المواطن على اختيار المسؤولين عنه وتبديلهم دوريا إذ شاء. أما التعليم، فيحتاج إلى الكثير من التطوير في الآداب والعلوم والتكنولوجيا واللغات وهو مفتاح التطور في كل العالم. للمقارنة مع الصين مثلا، 38% من النمو في فترة 1997 – 2007 سببه الرأس المال الإنساني حيث تضاعف عدد الطلاب في الجامعات 5 مرات. هنالك تحسن واضح في العدد خاصة في النوعية التي هي مصدر الإنتاجية. أما المرأة العربية وهي نصف المجتمع أو أكثر، فما زالت مهمشة اقتصاديا وبالتالي لا تساهم في النمو والتنمية كما تستطيع وكما ترغب. فالمرأة العربية لن تصل بسرعة في إنتاجها الاقتصادي إلى المستويات الغربية، لكن بإمكانها الوصول إلى المستويات الآسيوية والأمريكية اللاتينية. يربط تقرير سنة 2004 بين النقص في الحريات والضعف في التنمية العربية وبالتالي يؤكد أنه لا مجال لحصول التنمية الحقيقية من دون احترام الحريات ومن دون تحقيق الديمقراطية. أن ما يحصل اليوم في العديد من دول المنطقة يؤهل الاقتصادات إلى تحقيق الكثير من التنمية في السنوات القليلة القادمة. هنالك من كان يعتقد بأنه لو خير المواطن العربي بين الخبز لنفسه وعائلته وبين حرية الاقتراع يختار الأولى إلا أن الوقائع الأخيرة تشير إلى عكس ذلك، فلا شيء يتقدم على الحقوق والحريات. لا شك أن التقدم التكنولوجي سمح للانتفاضات العربية بالنجاح. عالميا، تضاعف عدد مستعملي الإنترنت مرتين بين سنتي 2005 و2010 حيث بلغ عددهم ملياري شخص. أما توزعهم فما زال غير متساو بين الدول الغنية والفقيرة، إذ تبلغ النسبة في الأولى 71% وفي الثانية 21% مما يشير إلى استمرار الفجوة التكنولوجية. فالمنتفضون واعون للعلاقة الإيجابية بين الديمقراطية وحقوق الإنسان من جهة وبين محاربة الفقر من جهة أخرى. فالفقر لا يمكن أن يكون ماديا فقط، بل هو معنوي ونفسي أيضا إذ يمنع الإنسان من تحقيق رغباته وطموحاته وأمنه الاجتماعي. يعي المنتفضون أيضا للعلاقة بين التعددية السياسية والتطور الاجتماعي الاقتصادي في دولهم. هنالك مطلب عربي جامع هو الشفافية والمحاسبة، إذ أثبتت التطورات الأخيرة بأن الشعوب العربية متعلقة بها كغيرها من شعوب العالم. تشير كل الدراسات والوقائع إلى ارتباط الديمقراطية والحريات بالتنمية الاقتصادية الاجتماعية في الاتجاهين، وها هي العلاقة الفاضلة تبدأ بالظهور جليا في المنطقة. هنالك ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والنفط ناتج عن عمليات العرض والطلب كما عن المضاربة التي تحصل في ظروف متقلبة كالتي نعيشها.