19 سبتمبر 2025
تسجيليعيش الشعب العربي هذه الأيام في ساعات ملتهبة تمثلت في ساحة التحرير أولاً بتونس ثم مصر وتمكن هذا الشعب من تحرير نفسه من حكم متسلط دكتاتوري في هاتين الدولتين العربيتين، وها هو الآن يلتهب ويغلي في ساحة التغيير في اليمن ويخوض حرباً ضد دكتاتور آخر في ليبيا. هذه الساحات الملتهبة شهدت سقوط آلاف الشهداء ولا يزال الدم العربي يسيل بسلاح هذه الدكتاتوريات في ليبيا واليمن بعد أن بزغت شمس الحرية والكرامة في سماء مصر وتونس. وكم كنا نتمنى لو أن هذه الدكتاتورية العربية التي حكمت هذه الدول العربية لعدة قرون كانت تسمع لشعبها عندما كان في ساحات التعبير ولو أنها سمعت لما كان مصيرها مثل هذا المصير الأسود، حيث هرب زين العابدين بن علي ولحق به حسني مبارك بصورة مهينة ومذلة ولا يزال مصيرهما معلقاً بين الملاحقة والمطالبة بإنزال أشد العقوبات بحقهما لأنهما أجرما بحق شعبيهما ولن يفلتا من عقاب الشعب التونسي والمصري. أما القذافي فإن عقابه سيكون أكثر إيلاماً وأكثر قسوة لأنه لم يستجب حتى الآن لإرادة الشعب، بل إنه قام بأبشع الجرائم الإنسانية بحق هذا الشعب عندما استخدم السلاح لإبادة شعبه، وهذا الإجرام لن يغفره الشعب ولا التاريخ، وفي اليمن كان حرياً بالرئيس اليمني علي عبدالله صالح أن يسمع إلى أصوات التعبير التي سمعناها كثيراً من الشعب اليمني لكنه مع شدة الأسف أغلق أذنيه وسد عينيه وتمادى في أسلوب حكمه متجاهلاً كل النداءات حتى وصل الحد بالشعب اليمني أن ينزل إلى ساحة التغيير. ساحات التعبير كانت مفتوحة ولاتزال في أغلب دولنا العربية ولكن يبدو أن أغلب حكامنا العرب لا يسمعون ولا يقرأون ولا يكترثون في هذه الأصوات المعبرة، مما دفع الشعب العربي إلى التحرك نحو ساحات أخرى وهي ساحات التحرير.. وساحات التغيير. الآن لا تزال ساحات التعبير ترفع الصوت عالياً في أكثر من دولة عربية وبعض هذه الدول بدأت تستجيب لمثل هذه الأصوات ولكن ببطء شديد لأنها تجد نفسها مرغمة إلى ذلك، لهذا نطالب هذه الدول في الإسراع بالإصلاحات المطلوبة والتي تعطي للمواطنين حقوقهم المشروعة وأبسطها حق المشاركة في الحكم وصنع القرار وتوفير الحياة الحرة الكريمة بإعطاء هذه الشعوب حق التعبير وحق الرأي وإفساح المجال لهذه الشعوب أن تختار ممثليها في المجالس التشريعية وأن يأخذ المواطن العربي حقه كاملاً والأهم من كل ذلك أن يشعر المواطن العربي بأن النظام الرسمي العربي لحمايته وليس لحماية النظام. هذه الحقوق من أبسط مقومات الحياة لأي شعب ولأي أمة لأن الشعب عندما يحصل على حقوقه ويشعر بحريته وكرامته فإنه لن يبحث عن ساحات التحرير أو التغيير، لهذا فإن العدالة الاجتماعية هي المطلب الأول والأخير الآن لشعوبنا العربية وهي تعبر عنها في الدول التي لم تتحرك شعوبها حتى الآن للساحات الأخرى وإنما تناضل الآن في ساحة التعبير. وعندما تتحقق العدالة الاجتماعية وتتوافر الحياة الحرة الكريمة للمواطن فإنه سيكون عضداً وسنداً ومدافعاً عن النظام لأن هذا المواطن يشعر أن هذا النظام يمثله ويعمل على تحقيق أهدافه وآماله وطموحاته، وهنا سيرتاح النظام ويرتاح الشعب وتحقق التنمية ويزدهر الاقتصاد، فالأنظمة المتقدمة هي التي تحكمها الشعوب وهذا الفرق بين الدول المتخلفة والدول المتقدمة فعندما تحكم الشعوب الحكومات فإن عجلة الحياة ستدور نحو التنمية والازدهار والتقدم ولكن عندما تحكم الحكومات الشعوب فإن هذه الشعوب سوف تخرج إلى ساحات التحرير.. والتغيير.