15 سبتمبر 2025
تسجيلحتى أتكلم بأسلوب ديمقراطي على الصعيد المحلي ينعكس ببعض من معاييره الدستورية على النظام، ولا ينعكس بعد على طبيعة نظام برلماني فاعل، يتعين علي أولاً البحث عن تجربة ديمقراطية ناجحة في الوسط العربي والمحيط الخليجي بالأخص، كي أكون على قدر من المصداقية وقادرة على قياس تجربة واقعية قريبة من حيث القياس للأنظمة الخليجية المتشابهة. وأعتقد أن مسألة النجاح لا تقاس بمدى فاعلية الديمقراطية كنظام في الخليج العربي، على قدر آليات تطبيق الديمقراطية وأسس الاستقرار التي تمنحه الديمقراطية سواء كان على الصعيد السياسي والاجتماعي المحلي، وعدة جوانب أخرى تكون محط تركيز كقضايا محلية تستدعي وضع الحلول المناسبة، مسألة توزيع المقاعد الانتخابية وغيرها من الأبعاد التي تعتبر جزءاً من سياق الحديث، ولكن قد يكون من الصعب أن نضع معيار النجاح على التجربة الديمقراطية في الخليج العربي بشكل كامل، وذلك لارتباط الديمقراطية بالأنظمة، التي تخضع من خلاله إلى مركزية للسلطة التنفيذية، إذ تختلف المعايير في مسألة التشريع والقضاء بحكم طبيعة الأنظمة. وفي الحديث عن مسألة التشريع، التي تزامنت مع ندوة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية – جامعة حمد بن خليفة والتي طرحت موضوع "هل تصلح المرأة لانتخابات مجلس الشورى القادمة؟"، لا يسعني في الحقيقة أن أتجاوز هذا السؤال حالي كحال الضيوف المتحدثين من خلال الندوة، ولهم مني كل التحية والتقدير، أو كحال ردود الأفعال الاجتماعية التي طرأت حول العنوان، دون أن أعبر عن غرابة التساؤل والتشكيك في إمكانيات المرأة وحصرها في مصطلح "الصلاح" الذي وقف عنده الكثيرون وعبروا عنه بنبرة غضب واستنكار، إذ تثبت صلاحية المرأة القطرية في عدة محافل وبروزها في تغيير مجريات الحركات الثقافية والتعليمية في دولة قطر، فبلا شك تصلح وبلا شك تثبت الحقائق فاعلية المرأة القطرية وكفاءتها القيادية والإدارية، دون الحاجة إلى طرح سؤال يهز كيان المرأة في حين أن الإجابة للجواب لا تتطلب الوقت للتفكير. وبعد الإجابة على السؤال، يمكنني أن أتجاوزه بوضع عدة توقعات ليس فقط لمكانة المرأة في مجلس الشورى المترقب في دولة قطر، إنما الحديث بشكل عام عما يتم تداوله في الوسط المجتمعي حول توقعات محتملة لمجلس شورى قادم وما تتضمن تلك التوقعات من تمثيل ومطالبات لمساواة في البيئة الانتخابية. من الطبيعي ألا أحدد طبيعة أو معيار نجاح للنماذج الخليجية البرلمانية، إذ أجد التفاوت في النزاعات الطائفية والقبلية وتحديات المرأة والإرهاب وغيرها من المسائل السياسية التي واجهت النماذج البرلمانية الخليجية، ولكن على الصعيد القطري، أجد أن المسألة لا تزال جديدة من ناحية التنفيذ الفاعل لعضوية المجلس. بالتالي، ما تم تداوله في ندوة جامعة حمد بن خليفة يعتبر تساؤلات اجتماعية لم يتم الإجابة عليها بعد بشكل واضح لملامح الانتخاب ومتطلباته من حيث التهيئة والتمكين للبرنامج الانتخابي، مكانة المرأة في المجلس، كما تصدرت مسألة التخصصية القبلية الحديث من خلال الندوة، مساواة الترشيح اتباعاً لنفس الإجراءات الانتخابية، العدالة في تخصيص المقاعد، والاستعدادات لطبيعة الانتخاب. فمع ترقب مجلس شورى فاعل، لا يسعنا إلا التركيز على رؤية سمو الأمير حفظه الله في النهضة ودعم عجلة التنمية في الدولة، والتي اعتمدت في تطورها على دولة المؤسسات، بالتالي نجد أن المسألة تنموية، مدنية معاصرة، فتزامن مجلس الشورى الفاعل مع رؤية نهضوية يعني التوقعات الإيجابية في التخصيص العادل لجميع فئات المجتمع، متضمنة مكانة المرأة وطرح قضايا الوطن المحلية وما تتطلبه من حلول سياسية فاعلة. أخيراً، يدرك المجتمع المحلي أن مسألة الانتخاب لمجلس الشورى أمر جديد يتطلب التهيئة والتوعية الصحيحة في طرح القضايا العميقة التي تتوجب النظر في تشريعاتها وسياساتها المحلية لصالح المجتمع المدني بشكل عام، بعيداً عن العنصرية وبعيداً عن تمكين فئة على أخرى، أما فيما يتعلق بالتوقعات الاجتماعية، فهي مرحلة تتطلب الحوار العميق والاستمرارية في تفعيل المداخلات الفكرية التي من شأنها أن تساهم في غرس الوعي عن مدى أهمية تفاعل المجتمع في مجلس شورى منتخب في المستقبل القريب في دولة قطر. [email protected]