20 سبتمبر 2025

تسجيل

طالوت واختبار النهر

16 فبراير 2016

تأمّل معي قصة طالوت وجيشه وهم في طريقهم لمحاربة جالوت وجنوده.. "فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ".أراد الملك طالوت أن يختبر من معه من الجنود، وقد كان فيهم الكثير من الذين عارضوا نبيهم حين أخبرهم بأمر طالوت، وأنه قد بعثه الله ملكاً يقاتلون تحت رايته الأعداء.كان طالوت يعلم أنه في مهمة صعبة وأن من معه في جيشه لا يمكن الاعتماد عليهم من بعد حادثة الاعتراض على توليه الملك، فكيف يأمن أن يخوض بهم حرباً لملاقاة قائد شرس جبار، واحتمالية الخيانة وتولي الأدبار كبيرة؟ألهمه الله اختبار المرور عبر النهر، حين بلغ العطش بالجيش مبلغاً لا يمكن مقاومة الماء لدى رؤيته. قال لهم صراحة بأن الله مبتليهم أو مختبرهم بعد قليل، ليعلم الصادق من المخادع، وأن هناك نهراً بالطريق، فمن شرب منه فسيعتبره خارج الجيش ولا حاجة له به، إلا من يغترف بيده أو يشرب الماء بقدر كف يده، فلا بأس.. وكانت المفاجأة.شرب الكثير من الجيش وخالفوا تعليمات قائدهم، وبالتالي لم تنجح الغالبية في الاختبار، ولم تبق معه سوى فئة مخلصة صادقة، وتيقن بأنه بالفئة القليلة المخلصة هذه سيتمكن بإذن الله من تحقيق الإنجاز المطلوب، ولقد كان من بين الفئة القليلة تلك، نبي الله فيما بعد، داود عليه السلام، الذي قاتل تحت راية طالوت، فكان له شرف قتل عدوهما جالوت.الشاهد من الحديث أن الإخلاص في العمل وصحة أساليب التنفيذ، مع علو الهمة نحو تحقيق الهدف والتوكل أولاً وأخيراً على الله، هي عوامل أساسية رئيسية لتحقيق أي نصر أو إنجاز، وهي قد توافرت في الفئة القليلة تلك، التي مكثت مع طالوت، فكان النصر.