14 سبتمبر 2025
تسجيلموقف ما قد يحدث أمامك فيظل عالقا بخاطرك لدلالته أو وجعه، كان الموقف بطوارئ الانتظار بالنساء والولادة، خلف (الكونتر) تجلس موظفة، الصالة تعج بالدعوات من أمهات لبناتهن اللائي دخلن في حالة ولادة، أمام الزجاج الفاصل بين الموظفة والزائرات بالصالة وقفت سيدة تطلب من الموظفة السماح لها بالدخول لرؤية ابنتها التي سبقتها بالمستشفى، فلم تسمح لها، مر الوقت كئيباً على السيدة التي ترجو الدخول لابنتها وقد دخلت حجرة الولادة من 12.30 ظهراً حتى جن الليل ولم تعرف شيئاً عنها، طوال الوقت والأم تبكي، وترجو الدخول خاصة أن الزائرات في صالة الانتظار سُمح لهن بالدخول إلا هي، صارت السيدة تدق الباب، والزجاج، وتصرخ (أشوف بنتي.. أرجوكم) وكان الرد توافد وجوه إلى الحاجز الزجاجي لتقول لها "خمس دقائق بس"، وتمر خمس دقائق، وعشر، وعشرون، وساعة، وساعتان والأم تبكي، وتصرخ، وتنادي... أشوف بنتي.. أرجوكم، لكن لا حياة لمن تنادي، وظلت على هذا الحال المؤلم الذي أدى إلى ارتفاع ضغطها ودخولها في حالة صعبة من الإعياء، اجتهدت السيدات الموجودات لإفاقتها وإسعافها حتى خرجت لها طبيبة من حجرة العمليات لتقول لها (احتسبي وقولي اللهم أجرني في مصيبتي وارزقني خيرا منها) قالت هذه الكلمات كمن يقول بيانا عسكريا، دون أي إحساس بالكلمات ولا أي رأفة بالسيدة التي سقطت على كرسي دون أن تنطق، فقد أصابها ذهول الخبر، وأيقنت أن ما توجست به نفسها قد حدث لتروح في وصلة بكاء وانهيار جديد، في تلك اللحظة وصل ضابط الفزعة الذي استدعي لطوارئ النساء والولادة لأن زائرة تحدث جلبة، وتحطم الزجاج، نظر الرجل فوجد السيدة في حالة صحية صعبة لا تكاد تلتقط أنفاسها مما حل بها، واستوضح الأمر، سأل الشرطية الموجودة خلف الزجاج من الذي استدعى (الفزعة) قالت أنا، سألها لماذا؟ قالت طلب الأطباء ذلك مني، وتقصى الضابط الحقيقة ليتأكد من أنه لا تلفيات ولا يحزنون اللهم إلا أم في حالة هلع على ابنتها، منعها الأطباء والممرضون من الدخول لأن الطفلة ماتت، والأم في حالة نزف شديد مما هدد قلبها بالتوقف بعد هبوط الهيموجلوبين من 12 إلى 7، وكان لزاماً إخفاء ما حدث عن السيدة المنهارة أمام (الكونتر) والتي مضت سبع ساعات ولم تطمئن على ابنتها ولم تدخل إليها، وبالمرة تلفيق تهمة لإلهائها، أسموها كسر الزجاج والتلفيات، ولما تأكد الضابط من كذب الادعاءات أسمع الموجودين من التوبيخ ما استحقوه وقال (استحوا الطفلة ماتت، والأم تنزف، وتستكثرون على الناس أن يتألموا خلكوا بني آدمين وقدروا مشاعر الناس، ثم واسى الجدة، وعزاها وانصرف! تحية فارعة للضابط النشمي على مشاعره الإنسانية، وتقديره لأوجاع الناس ورأفته بآلامهم، تحية للفزعة كلها ولكل مواقفها التي تدعو إلى الاحترام، والتقدير، ويا ليت أصحاب الوجوه (النشفة) يتعلمون ويرحمون. * * * *يا ريت نعرف إحصائية حقيقية لمن يحبون بعض (بجد) دون مصلحة، ولا غرض، ولا شيلني واشيلك، ولا خد وهات، ولا من أجل إن وكل أقاربها، ياريت نعرف (مين بيحب مين حب حقيقي خالص)، وياريت نعرف ما مسوغات ذلك الحب وكيف يعيش ويستمر؟ مضطرة مع كل ما أرى من مهازل، وطعن، (وقلة أ....) مضطرة أن أسأل هل يستمر الحب بسبب الوفاء؟ ياما ناس وفت وقوبلت بأخس أشكال الغدر! هل يستمر الحب بسبب الاهتمام؟ ياما ناس اهتمت بناس، وعندما اكتفى المعنيون وشبعوا اهتماما ودلعا قلبوا لمن اهتم بهم ودللهم ظهر المجن كأنهم ما عرفوهم قط!!طيب هل يستمر الحب بسبب الوجود الدائم إلى جانب صديقك (المزنوق) على طول بمساعدات لا تنقطع؟ ياما ناس أعرفهم كانوا لأصدقائهم بمثابة (بنك مركزي) يمنح قروض محبته دون فوائد، بل ويمنعهم نبلهم من طلبها بعد سنوات من الصديق الحبوب ومع ذلك لم يشفع ذلك النبل، ولا تلك الشهامة في أن يضرب الشهم في قلبه ربما لأنه لم يوافق ظالماً على ظلمه، ولا كاذبا على افترائه، فضاعت حكاية الحب الجميلة عقابا على الصدق المذموم! طيب فين الحب؟ مين بيحب؟ وفين الأمارة؟ الحقيقة مفيش أمارة، فيه تجمل مذموم، فيه تمثيل، فيه أقنعة، نعم مفيش أمارة فيه كذب وتلون بجسارة، وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء.ولأن في البشر حب (التيك أواي) الذي لا أصل له ولا فصل، ولا جذور ولا فروع، ولأن متضررين كثيرين يعانون من كسوره الفادحة، وحروقه الفظيعة، وقطوعه المؤلمة، لابد من بلسم يداوي بشر الكوكب الذين أصابهم غدر الحب في مقتل هذا رغم الدباديب، والقلوب، والورود الحمراء والإهداءات الحارة التي تسفه من أقدس ما يمكن أن يجمع الإنسان بالإنسان في شعور اسمه (الحب) ولأن البلسم ضروري لكل من أصيبوا بشظايا غدر الحب والمحبوب لابد لنا من سلوى في كلمات من نستمع إليه فننصت، ومن ينصحنا فننتبه، يقول د. عائض القرني في أجمل ما قرأت له: انس الأسماء التي مضت، والتي تكدر ذكرياتك، واكتب على قلبك أسماء ناس (تستاهل غلاك) انس البشر، ومن جديد ابدأ حياتك، وخلك مع ناس يقولون لك العمر ما يسوى بدونك، لا أحد يستحق أن ترهق تفكيرك به فمن يريدك لذاتك لن يخذلك، لا تحزن على من جعلك أضحوكة بتهمة الوفاء، ولا على من أشعرك بأن طيبتك غباء أمام خبثه، لا تحزن على من كان يعني لك الجميع واكتشفت أنه لا شيء، لا تحزن على من استأمنته على كل شيء، وكان أول ما فرط فيه هو أنت، لا تحزن، ابتسم فأنت لم تخسر شيئاً. * * * طبقات فوق الهمس* محل للورود كتب على واجهته (مغلق مؤقتا مقاطعة لبدعة احتفال عيد الحب) وتعاونوا على البر والتقوى، تعظيم سلام للمحل وصاحبه.* إذا كان أمس يوم ميلادك أو اليوم فانفض ظلمك، وحاول اللحاق بقافلة الصالحين، حاول أن تفهم أنك تقترب من حفرة عميقة، وسؤال، ونوم طويل إما في نعيم أو في غيابات الجحيم.