11 سبتمبر 2025

تسجيل

جزء من ذاكرة الجيل.. ومحمد الجفيري (1)

16 يناير 2020

هذا الكاتب القطري يطوي بنا الايام، ينثر عبر صفحات كتابه الثري "صور من الذاكرة" حكاية جيل، يسرد حكايا جيلنا، من ارتبط بالتعليم الالزامي وكان شاهدا على الانتقال الزماني والمكاني. تلك النقلة التي تعتبر بحق نقلة نوعية، معايشة الفرجان والاحياء. ومداعبة سيف البحر، والتقاط الصقوع والحويت، وصيد السمك وممارسة لعبة كرة القدم في حر الصيف، السماء لحافنا في شهور الصيف واحضان الجدات في برد الشتاء. محمد الجفيري.. عاشق لثرى هذا الوطن. اخذ يقلب في سفر الأيام، ومن ثم استحضر صورا عاشها وخاض غمارها، صورا من الحياة التصقت بذاكرة طفل شاهد النقلة النوعية في الحياة، الانتقال من مرحلة "الفنر" إلى الكهرباء، ومن "الكندري" إلى رفاهية وجود الماء في البيوت. ولكن ما كان ما زال ملتصقا بذاكرته، عفوا ذاكرتنا الجمعية، كم هو جميل ورائع ان يحاول احدنا أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء! وكم هو جميل أن يتذكر تلك الاحياء ورفقاء الدرب واحداثا مرت بنا. بعضها قد غلف كل ذلك بالنسيان، خاصة وان الايقاع السريع قد ساهم في محو جزء من ذاكرتنا، من يتذكر الآن بساطة الحياة ولكن هذا الكاتب اعاد اللحمة إلى الذاكرة عبر كتابه، كيف لا والكتاب صور من الذاكرة؟. في الغلاف يجسد اكثر من صورة، تحمل العديد من المضامين في المدرسة الابتدائية في عام 1960، ثم صورة أخرى لمطعم "بسم الله" والانتقال إلى الكورنيش وبرج الساعة أشهر ميادين الدوحة، واشهر الاحياء – الجسرة – الحي والحياة في آن واحد. في هذا الكتاب الثري يغوص كبحار ماهر – الجفيري – يطوي الايام يستحضر ما التصق بذاكرته، ويرتكن إلى زميل الصف الاديب الابرز الاستاذ عبد العزيز محمد الخاطر في صياغة مقدمة الكتاب. ومن هو الاقدر إذا لم يكن بوسعود؟، صاحب القلم الصادق والصريح والذي يملك كل هذا الحضور عبر صحافتنا العربية وليس المحلية وكل هذا التألق في نثر دوره عبر مقالاته التي تشكل بحق نقلة نوعية في صحافتنا العربية وليس المحلية، جرأة في الطرح والتناول، قلم منصف، انه جراح ماهر. ولذا فقد انبرى "بوسعود" لكتابة المقدمة، خاصة وانه ينبش في ذاكرتنا، كيف لا والجيل؟ جيلنا وجيل من سبقنا قد ارتبط بوشائج مع ما شكل جزءا من ماضينا وماضي وطن الشمس قطر، لذا فقد ارتبطنا جميعا ببيوت الطين والمرازيم في فصل الشتاء، في لحظة انهمار المطر، وباصات المدارس وضابط المدرسة وهو يلوح بعصاه ورحلات الجيل، جيلنا من يسكن في فريج الغانم، الجفيري، الجسرة، البدع بالبحر.. وذكريات فرضة الدوحة وفرضة الشيوخ. الآن لا اعتقد أن هذا الجيل يملك حكايات تروى، عن ماذا يتحدثون؟ هل عن "السمبوسة في مطعم بسم الله؟ أم الناماليت هل يتحدثون عن شهر الكهرباء أو شارع مشيرب؟ وفرحتنا لأول مطعم يقدم الشوارمة لزبائنه؟ كم كنا سعداء في طفولتنا حقاً ونحن نمارس السياحة الداخلية ضمن الدوحة، كان الأمر جزءا من الطقوس، بجانب تلك الفرجة على بعض الفاترينات، ما زلنا نتذكر بعضاً منها. [email protected]