15 سبتمبر 2025

تسجيل

أدب الرسول "صلى الله عليه وسلم" مع الناس

16 يناير 2016

قال صاحبي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراعي مشاعر الناس؛ وهو جانب دقيق في معاملته، وشواهده في السيرة كثيرة، منها ما يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة وكان النبي صلى الله عليه وسلم قلما يواجه رجلا في وجهه بشيء يكرهه، فلما خرج قال: "لو أمرتم هذا أن يغسل هذا عنه"، رواه أحمد وأبوداود.فرسول الله صلى الله عليه وسلم كما رأى منه ما يكره لم يواجهه بذلك أدباً وذوقاً، بل وجه الصحابة بعد خروج الرجل ليأمروه بإصلاح حاله.وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى إليه رجل صيداً وهو محرم فرده فلما رأى ما في وجهه قال: "إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم".وحين جاء مالك بن الحويرث رضي الله عنه وأصحابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبقوا عنده أياماً، قال مالك: وكان رسول الله رحيماً رقيقاً فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا فسألنا عمن تركناه من أهلنا فأخبرناه، فقال: "ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا عندهم وعلموهم ومروهم، إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أخوكم وليؤمكم أكبركم" البخاري.ومن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتمامه بالناس، فحين ماتت امرأة كانت تقمُّ المسجد، وحقر الناس من شأنها وصلوا عليها ودفنوها بليل، قال صلى الله عليه وسلم: "هلا أذنتموني؟" فيذهب إلى قبرها ويصلي عليها. البخاري.فهو صلى الله عليه وسلم يهتم بشأن خاصة أصحابه، فقد كان يوما جالساً فدخل أبوبكر فلم يعدل جلسته فلما دخل عمر كان كذلك، فلما دخل عثمان تهيأ النبي صلى الله عليه وسلم وعدل جلسته فيقال له في ذلك فقال: "إن عثمان رجل حيٌي".وقد كان صلى الله عليه وسلم يباسط أصحابه ويمازحهم، ويتخولهم بالموعظة ولم يطغ جانب على آخر، ومن الشواهد مراعاته صلى الله عليه وسلم حالة السرور عند أصحابه؛ فالنفس ترغب بمن يشاركها فرحتها، ولما أنزل الله توبة كعب بن مالك رضي الله عنه استقبله النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه يبرق بالسرور وبشره بتوبة الله عليه.ومنها مراعاته حالة الحزن: فالمصاب محتاج إلى تخفيف لوعته، وعدم مؤاخذته على ما يبدو منه ولذا لم يعاتب صلى الله عليه وسلم المرأة التي كانت تبكي عند قبر ابنها.ومن الشواهد أيضا مراعاته صلى الله عليه وسلم حالة الغضب، فمن الغضب ما يفقد الإنسان فيه سيطرته على تصرفاته، فالتعامل معه بحكمة وروية، ولما كان أبو مسعود يضرب غلامه وهو مغضب تعامل معه النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق واللين، مما كان سببا في جعله يكف عن ضربه.ومنها مراعاته حالة المشقة والنصب: فاللحظات التي تتلو تعب النفس ونصبها، يحتاج فيها العامل إلى عبارات تخفف عنه آلامه وتزيح عنه همومه، ولذا كان صلى الله عليه وسلم يستقبل المسافر بعبارات تنسيه وعثاء سفره وتزيل عنه نصبه فقد قال صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس: "مرحبا بالوفد غير خزايا ولا ندامى".. وبالله التوفيق.