13 سبتمبر 2025

تسجيل

ثقافة التعظيم

16 يناير 2014

في التاريخ وجدنا حضارات وأمماً من تلك التي بادت وانتهت وصارت اليوم آثاراً ومزارات سياحية، حيث سادت عندهم ثقافة تعظيم الملوك إلى درجة غير مقبولة مقارنة بعصرنا الحديث.. ولولا تلك الثقافة ما خرج فرعون يوماً على الناس ليقول: "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"!! قد يقول قائل منكم بأن التعظيم أو التبجيل سلوك لا غبار عليه، بل مستحب، حين يكون من الصغار نحو الكبار بقصد الاحترام والتوقير مثلاً، كما في البيوتوالعائلات.. وبالمثل على مستوى الدول، لا شيء في أن يعظم شعب زعيمهم وحاكمهم ويرفعون من شأنه، فالزعيم أو الحاكم هو رمز البلاد والدولة، ولا يجوز أن يتعرض إلى الامتهان والتحقير والتصغي، كما هو حاصل في أقطار العالم المتقدم في أوروبا وأمريكا مثلاً، أو هكذا هي الأخلاق الإسلامية.نعم، ذاك رأي صائب نحترمه ولا نقول فيه شيئاً، فالاحترام والتوقير أمران مطلوبان في علاقاتنا مع بعضنا البعض، خاصة من الصغير نحو الكبير، سواءكان هذا الكبير، كبيراً في ثروته أو وجاهته أو منصبه أو سنّه.. ولكن ليس هذا الذي أعنيه وأروم إلى الحديث عنه اليوم، فالأمر مختلف. التعظيم المنبوذ هو ذاك النوع الذي يفوق الحد، وينطلق من مبادئ قائمة على النفاق والمجاملة الكاذبة الخادعة، أو منطلقاً من خوف ورهبة أو طمع وغيره، تماماً كما كانيصنعه هامان وأمثاله مع فرعون.أما الذي ندعو إليه هو ذاك النموذج من الثقافة التي كانت سائدة أيام الخليفة النموذج، عمر بن عبد العزيز، كمثال واحد من عشرات الأمثلة في تاريخنا.. تلك الثقافة التي كانت علاقات الناس عليها مبنية وقائمة، حيث الاحترام والتوقير من الرعية لأميرهم أو زعيمهم أو خليفتهم، لكن دون خوف أو طمع أو نفاق.. بل إن ما كان يصدر عن الرعية تجاه عمر على سبيل المثال، لم يكن سوى رد بعض الجميل على ما كان يغمرهم به من جميل أخلاق وفضائل.. وهذا النوع من التوقير والاحترام الذي نقصده وندعو إليه، وليس إلى غيره.