30 سبتمبر 2025
تسجيلحتمية الانحطاط الحضاري أخافت الغرب ودفعته لإقصاء العالم العربي والإسلامي حتى لا يواجه مصير العالم الذي استقى على يديه علومه، وقبوله بأنه أخذ على يد العرب والمسلمين تلك العلوم، يعني فيما يعني أنه سيواجه نفس المصير ويؤول إلى الانحطاط كما آل العالم العربي الإسلامي في الماضي، وهو يعتقد أنه فريد في حضارته وأنها لابد خالدة، وأنه في اعترافه هذا أيضاً لا بد أن يخجل بما فعل في العالم العربي من استعمار واستغلال لموارده وتزوير لتاريخه، لذلك يتضح السعي الدائم للإقصاء ففيه الكثير من الأسباب ليس أقلها نفي إمكانية أن يحدث له ما حدث لمعلمه، وليس أفضل من ذلك إلى أن يعدد الفروق ويحشد الإمكانات أما في حال اعترف بفضل العربي والمسلم لا بد أن يقبل في طياته حتمية انحطاطه القادم المخيف، وهو في هذا يعترف بأنه لم يرد الجميل للعرب والمسلمين بل استغل بلادهم وفرق بينهم ومنعهم من السعي لاستعادة أمجادهم بكل إمكانية حتى وأن زرع في قلب أمتهم كيان غريب عنهم يؤخرهم قدر الإمكان،لأن الغرب يرى في رفعة الآخر تراجع له وهو من تسكنه العنصرية، ولا يحتمل أن يرى الآخر حرا قادرا على مجاراته في العلوم والتقنية، وقد وجد دائما في الآخر نقص حتى يكون بذلك سهلا عليه محاربته وإقصاءه، فقد أستخدم التقاليد المتحيزة ضد الشعوب الأخرى خاصة اليابان، وقد قال إن اليابان والآسيويين هم مقلدون فقط، ولكن عندما تمكن اليابانيون من تحقيق معجزة اقتصادية تفوق فيها عليهم، اعترف الغرب ولكن اعتراف على مضض، ولذلك احتفظ بأن اليابانيين يختلفون عن بقية الأجناس البشرية خاصة الآسيوية، ولذلك فإن اليابانيين من الثقافة الغربية وليسوا من الثقافة الآسيوية، يا للعجب وقد يكون المحظوظ من لا يستمع لهذه الترهات التي تعود الغرب على توليدها ليحافظ على صورة تفوقه وإن كان غير منطقي ومضحك،الأمر الآخر الذي عانت منه القارة الأوروبية في الماضي هو الحروب المتواصلة بين القبائل وأمراء الحرب والإقطاعيات والدول،ومحاولة بناء شخصية معنوية تحول دون التحارب يحتاج لعدو خارجي يدفع تلك الكيانات الأوروبية للتوحد ويوقف الاقتتال بينها، وليس أفضل من ذلك سوى وجود عدو أبدي متجسد في أمة قوية تخافها أوروبا خاصة ديانتها وهو المشرق العربي الإسلامي، والتي تعلم مدى قوته وسطوته من ماضيها غير البعيد، ومخاوفها التاريخية من الأمة والدين يجعلها تتوحد من أجل محاربته وهو السبب الأفضل على جمع صوتها وتكوين هويتها كما حدث في الماضي في حروبها الصليبة، أنه الضد الذي يعرفه الغرب ويدفعه لتناسي عداواته، فبذلك تجتمع كلمته ويتمكن من إيقاف الحروب بين كياناته، وأيضا يوحدها من أجل صد احتمال التفوق القادم للشرق على الغرب ، لقد تجمع لدى الغرب من الأسباب ما يكفي لجعل الشرق العدو الأبدي من أجل حماية بقائه المزعوم، خاصة في العصر الحديث وصل الإسلام إلى عواصمه وينتشر بسرعة بعد أن فقد الغرب بعده الروحي فأوجد فراغا سهلا على الإسلام أن يصل لما لم يصل له في الماضي ولم يعد قادرا على صده بالحروب كما كان،فأصبح التطور الأخير دافعا آخر خاصة بعد أن فقد عدوه اللدود وهو الاتحاد السوفيتي،فأصبح لزاما عليه أن يحيي العدو الأبدي العرب والإسلام،خاصة أن ذاكرته ما زالت تحمل خيالات الماضي عندما توحد لمحاربة العرب والمسلمين إذا هذه العداوة غير المبررة في نظرنا لها أسباب كثيرة كما تقدم، ولكن كيف نصل والغرب للتفاهم، يخفف من مخاوفه ليهدد ويوقف سعيه لإغاظة العرب والمسلمين ويوقف من تهجمه على معتقدات العرب والمسلمين والذي يتشدق بحمايتها وإيمانه بحقوق الإنسان ماعدا العربي والمسلم، إجابة أولى كما فعل اليابانيون وهو المضي في تكوين وإنشاء القدرات العربية والإسلامية.