17 سبتمبر 2025
تسجيلقال صاحبي: إذا كان الغربيون يقولون في أعقاب كل جريمة "فتش عن المرأة" فإن من الواجب أن نقول في أعقاب كل مشكلة اجتماعية وكل انحراف خلقي "فتش عن المنزل" والمشكلات التي تنشأ عن اضطراب الحياة الزوجية كثيرة، وكم أدت إلى جرائم كبرى.. قلت لصاحبي: هل اضطراب الحياة الزوجية مقصور على بيئة معينة؟ قال صاحبي: لا بل هو في الأوساط الغنية والفقيرة، والأوساط المتعلمة والجاهلية. غير أن هذه المشكلة تبدو واضحة الأثر كثيرة الظهور في البيئات التي ضعف فيها وازع الدين والخلق، وأقصد بالدين، الدين النيّر العميق في النفس، لا الدين السطحي الذي يعتمد على المظاهر والشعارات والطقوس الباهتة التي تسمو بالروح ولا تزكي نفساً..، قلت: ما الأسباب التي تنشأ عنها المشاكل العائلية؟ قال: المشاكل العائلية متعددة ويمكننا الاقتصار على أكثرها انتشاراً ووقوعاً. فمن ذلك تحكيم العاطفة أو المصلحة المادية عند اختيار الزوج أو الزوجة، فكثيراً ما ينشأ الزواج على حب عاطفي مشبوب لا يلبث أن يفتر بعد الزواج بأشهر معدودات، وما يلبث أن يكتشف الزوجان أن هناك فرقا شاسعا بينهما في الأخلاق أو المزاج أو الثقافة أو الميول. وقد تعجب الفتاة بشاب وسيم الطلعة فتسرع إلى إجابة طلبه، ثم يشتد بها الأسى حين تكتشف فيه خلقا سيئا.. وكثيراً ما ينشأ الزواج عن طمع في الثروة.. فهذا خاطب ذو وظيفة أو دخل كبير.. أولى في نظرنا من خاطب ليست له ثروة أو ليس له أب غني.. وغالبا ما يكون مع الغنى المفرط الفساد المتلف. ومن أسباب المشاكل العائلية سوء فهم كل من الزوجين لطباع الآخر.. فقد يكون الزوج حاد المزاج، شديد الإحساس يتأثر بأتفه الأشياء التي يراها مخالفة لذوقه، فلا تراعي زوجه فيه هذا.. فتضحك وهو غاضب،وتعرض عنه، ويتكلم الكلمة فترد بعشر.. فما هي إلا أن تثور العاصفة وينفجر البركان.. ومن أسباب المشاكل الاجتماعية تدخل الزوج في الشؤون البيتية أكثر مما ينبغي، فقد يدخل معها المطبخ ويبدي ملاحظاته.. وهكذا تضيق زوجته بفضوله، فما تلبث يوما بعد يوم أن تنفجر وتثور. ومن أسباب المشاكل العائلية عدم مراعاة الزوجة لأوضاع زوجها المالية.. فهي تريد أن تلبس كما تلبس أختها، وتريد أن تستكثر من أثاث البيت كما تستكثر أختها.. دون ملاحظة الفرق بين ثروة زوجها وثروة زوج أختها، وهكذا يرهق الزوج في ميزانيته، ويضطر أن يستدين ويرهق نفسه إرضاء لزوجته. ومن أسباب المشاكل العائلية عدم تقدير الزوجة لأعباء زوجها، فقد يكون الزوج سياسياً من واجبه أن يجتمع مع الناس ويستقبلهم.. وقد يكون صحفياً أو أستاذاً من واجبه أن يقرأ أو يكتب، فتضيق زوجته بالاجتماعات العامة، وتتبرم من قراءاته وكتاباته. أيها الشباب، هذه بعض مشاكلنا العائلية.. لم يسردها كلها صاحبي "المتخصص في علم الاجتماع" وترك مشكلة الحماة، ومشكلة الزوجة والأخوات فإنها تمثل 80% من مشاكلنا العائلية. على أية حال، هذه الأسباب كان من الحكمة تداركها إذا تذكرنا الحقائق التالية: الأولى: إننا ننظر إلى الحياة الزوجية بمنظار مادي، فنحن نعتبر الزواج الموفق هو الذي توفر فيه الثروة أو الجاه أو الجمال، وهي مقاييس وحدها لا تعطي السعادة، ثم هي لا دوام لها، فالثروة قد تتبدل والجاه قد يزول والجمال يذبل، والخير أن ننظر إلى الحياة الزوجية بمنظار معنوي روحي قبل أي شيء. الثانية: إن ديننا يأمرنا بحسن الخلق فيجب أن نكون من أحسن الناس أخلاقا مع أزواجنا وزوجاتنا.. يقول تعالى مخاطبا الرجال: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً يجعل الله فيه خيراً كثيراً)، "النساء: 18"، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله" رواه الحاكم وابن ماجة. ولست أرى أقبح من امرأة تتزين للزائرات وتحسن لهن الكلام واللقاء، ثم تكون مع زوجها سيئة الكلام واللقاء.. وكذلك الرجل الذي يتزين للناس ببشاشة الوجه، حتى إذا انقلب إلى أهله بدا فظاً غليظاً، عابس الوجه. الثالثة: الزواج قد ربط الزوجين، بمصير واحد في غالب الأمر حتى نهاية الحياة، فما يصيب أحدهما من ضيق أو عسر، فإذا لم يذكر الزوج إلا نفسه ولم تذكر الزوجة إلا نفسها، فقد أذهبا هذا الرباط المقدس، وجعلا نفسيهما كشريكين هم كل منهما أن يربح على حساب الآخر. إن السعادة في الحياة.. أيها الأزواج.. أيتها الزوجات.. هل كل ما في الحياة، فالتمسوا أسباب السعادة في أنفسكم وفي بيوتكم قبل أن تلتمسوها في الشوارع، أو المدارس، أو المنتديات... هذا وبالله التوفيق.